الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب الصلاة في القميص والسراويل والتبان والقباء

           ░9▒ (باب: الصَّلاة فِي القَمِيْص...) إلى آخره
          كتب الشَّيخ في «اللَّامع»: يعني بذلك أنَّ الصَّلاة جائزةٌ في كلِّ ما حصل به ستر العورة، وأمَّا التُّبَّان فإن لم يكن ساترًا بانفراده فإنَّه ساترٌ بانضمام غيره إليه، فكذلك جواز الصَّلاة به يتوقَّف على ضمِّ غيره مِنَ الثِّياب إليه، وهذا كلُّه حكم الجواز، وأمَّا الاستحباب لِمَنْ وجد سعةً فالتَّوَسُّع فِي المَلبوس، كما دلَّ عليه قوله: (إذا وَسَّعَ الله فَأَوسِعُوا). انتهى.
          وفي «تراجم شيخ المشايخ» أنَّ جواز الصَّلاة في التُّبَّان فقط يوافق مذهب مالكٍ، لأنَّ التُّبَّان يستر نصف الفَخِذ لا كلَّها. انتهى.
          قلت: وسيأتي الكلام على الفخذ قريبًا، / وميل البخاريِّ في مسألة الفخذ إلى قول الظَّاهريَّة، فلا إشكال على مسلكه في ذكر التُّبَّان فقط في التَّرجمة، وما أفاده الشَّيخ في التُّبَّان وسبق إلى نحو ذلك في «الفتح» مَبْنِيَّان على مسلكهما، فإنَّ مسلك الحنفيَّة والشَّافعيَّة أنَّ الفخذ عورة.
          ثُمَّ كتب الشَّيخ في «اللَّامع»: لعلَّ الوجه في إيراد رواية ابن عمر هاهنا أنَّ الممنوع عن هذه الملابس هو المُحْرِم، فيكون لبسهما جائزًا لغير المُحْرِم، ولا ينافيه كراهة المزعفر والمعصفر له، فإنَّ ثبوت كراهتهما بنصٍّ آخر، أو يقال: إنَّ جواز لبسهما للنِّساء كافٍ في ذلك، ولا يبعد أن يكون إيراد الحديث هاهنا، لأنَّ الإزار والرِّداء الباقيين بعد استثناء ما استثنى(1) مِنَ الألبسة مِنْ جملة الثِّياب الَّتي جازت الصَّلاة فيها. انتهى.
          وفي «هامشه»: ما أفاده الشَّيخ مِنَ المناسبة ألطف ممَّا ذَكَرت الشُّرَّاح مِنَ المطابقة.
          قال الحافظ: وموضع الحاجة مِنَ الحديث هاهنا أنَّ الصَّلاة تجوز بدون القميص والسَّراويل وغيرهما مِنَ المخيط بأمر المحرم باجتناب ذلك وهو مأمورٌ بالصَّلاة(2). انتهى.
          وفي «تراجم شيخ المشايخ»: مناسبته بالتَّرجمة مِنْ حيث جواز الصَّلاة في الثِّياب الغير المخيطة أيضًا مع كون أهل الثَّوب واجدًا. انتهى.
          وجزم صاحب «تيسير القاري» أنَّ الحديث لا يطابق التَّرجمة.
          والأوجه عندي الجواز في السَّراويل فقط، مِنْ غير ثوبٍ فوقه مِنَ القميص وغيره، لِما سيأتي في كتاب الحجِّ مِنْ (باب: مَنْ لَم يَجِد إزارًا فَلْيَلْبَس السَّرَاويل).


[1] في (المطبوع): ((استثني)).
[2] فتح الباري1/476 وفيه لأمر المحرم .