الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب إذا صلى في ثوب له أعلام ونظر إلى علمها

           ░14▒ (باب: إذا صلَّى في ثَوْبٍ له أعْلَامٌ...) إلى آخره
          كتب الشَّيخ في «اللَّامع»: يعني بذلك أنَّ الصَّلاة جائزةٌ، وإن كان الإقدام على ما فيه اشتغالٌ خلاف ما هو الأولى. انتهى.
          وفي «هامشه»: وبذلك جزم شيخ المشايخ في «تراجمه» إذ قال: أي: لا تفسد صلاته، ولكنَّ تركه أولى. انتهى.
          وكلا الجزأين واضحان:
          الأوَّل: لمضيِّه صلعم في صلاته.
          والثَّاني: لكراهته صلعم.
          ثُمَّ لا يذهب عليك أنَّ في الرِّواية الموصولة (فَإِنَّهَا أَلْهَتْنِي)، وفي المعلَّقة (أخاف أن تَفْتِنَنِي(1))، قال الحافظ: ظاهره يدلُّ على أنَّه لم يقع له شيءٌ مِنْ ذلك، وإنَّما خشي أن يقع، وكذا في رواية مالكٍ في «الموطَّأ» بلفظ: ((فَكَاد يَفْتِنُني))، فَلْتُؤوَّل الرِّواية الأولى. انتهى.
          وهكذا راجع الأولى إلى الثَّانية.
          ويشكل عليه عندي أنَّهم قاطبةً استدلُّوا بهذا الحديث على صحَّة صلاة مَنْ حصل له فيها فكرٌ غير متعلِّقٍ بالصَّلاة، فإن لم يتحقَّق الإلهاء فكيف يصحُّ الاستدلال؟ فالأوجه عندي في وجه التَّطبيق أنَّ الإلهاء قد تحقَّق، وهو أخفُّ ممَّا أشار إليه صلعم بلفظ الافتتان، ولم يتحقَّق، والمراد منه زيادة الاشتغال المستغرق فيه وهو لم يتحقَّق.
          وأجاد الشيخ في «تقرير أبي داود» إذ قال قوله (شغلتني...) إلى آخره، ولعل شغله لم يكن إلا في عجيب صنعة ربه تعالى، غير أنه عده نقصا أيضا، نسبة إلى مرتبته العليا، فلا يستلزم شغله بها أن يكون قد اشتغل عن الحضور في حضرته سبحانه، كما نشاهد في كثير من الناس اشتغالهم بأمرين ولا يعتري بذلك نقص في أدائها(2). انتهى مختصرا.


[1] في (المطبوع): ((تفتني)).
[2] في (المطبوع): ((أدائهما)).