الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب تشبيك الأصابع في المسجد وغيره

          ░88▒ (باب: تَشْبِيك الأصَابِع...) إلى آخره
          كتب الشَّيخ في «اللَّامع»: يعني بذلك أنَّ النَّهي عنه ليس بتحريمٍ بل أدبٌ، ومعلَّلٌ بما فيه مِنَ الإعراض والاشتغال عن التَّوجُّه إلى الصَّلاة الَّتي خرج مِنْ بيته لأجلها، مع أنَّه في صلاةٍ منذ خرج منه فلا يشبِّك، وأمَّا في غير هذا فلا ضير. انتهى.
          قال الكَرْمانيُّ: لعلَّ مراد البخاريِّ جواز التَّشبيك مطلقًا، لأنَّه إذا جاز فعله في المسجد ففي غيره أولى. انتهى.
          وبه جزم الحافظ، وإليه ميل شيخ المشايخ في التَّراجم، وقال: قال ابن بطَّالٍ: وجه إدخال هذه التَّرجمة معارضةُ ما ورد في النَّهي عن التَّشبيك في المسجد، وقد ورد فيه مراسيلُ مسندةٌ مِنْ طرقٍ غير ثابتةٍ.
          وقال ابن المُنَيِّر: التَّحقيق أنَّه ليس بين هذه الأحاديث تعارضٌ، إذ المنهيُّ عنه فِعْلُه على وجه العبث، والَّذي في الحديث إنَّما هو لمقصود التَّمثيل(1)، وجمع الإسماعيليُّ بأنَّ النهيَّ مقيَّدٌ بما إذا كان في الصَّلاة أو قاصدًا لها، وأحاديث الباب الدَّالَّة على الجواز خاليةٌ عن ذلك(2).
          وقال العينيُّ: اختلف العلماء في تشبيك الأصابع في المسجد وفي الصَّلاة، وكره إبراهيم ذلك في الصَّلاة وهو قول مالكٍ، ورخَّص في ذلك ابن عمر وابنه سالمٌ، فكانا يشبكان في الصَّلاة.
          وفي «الدُّرِّ المختار»: في مكروهات الصَّلاة فَرْقَعَة الأصَابِع وتَشْبِيكها ولو منتظرًا لصلاةٍ، ولا يكره خارجها لحاجةٍ، قال ابن عابدين: ينبغي أن تكون الكراهة تحريميَّةً(3).
          وفي حاشيتي على «البذل» عن ابن رَسْلان(4) أنَّ ذلك على مراتبَ:
          الأوَّل: في الصَّلاة وهو أشدُّ كراهةً، لأنَّه ينافي الصَّلاة.
          والثَّاني: لمنتظر الصَّلاة وهو أخفُّ مِنَ الأُولى لكن يكره لحديث الباب، ويعني(5) حديث كعب بن(6) عُجْرَة مرفوعًا عند أبي داود: ((إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلَا يُشَبِّكَنَّ بَيْنَ أَصَابِعِهِ(7)...)) الحديث / الثَّالث(8): في المسجد بعد الصَّلاة، وهو مباحٌ لحديث ذي اليدين.
          والرَّابع: في غير المسجد وهو أولى بالإباحة، وما ورد مِنْ مطلق المنع عنه في المساجد محمولٌ على ما قبل الصَّلاة. انتهى مِنْ «هامش اللَّامع».
          وفي «المغني»: يكره التَّشبيك في الصَّلاة(9). انتهى.


[1] المتواري على أبواب البخاري: ص 90.
[2] أنظر فتح الباري:1/566
[3] حاشية ابن عابدين:1/641
[4] بذل المجهود:4/155
[5] في (المطبوع): ((يعني)).
[6] قوله: ((بن)) ليس في (المطبوع).
[7] سنن أبي داود، كتاب الصَّلاة، باب ما جاء في الهدي في المشي إلى الصَّلاة، (رقم: 562)
[8] في (المطبوع): ((والثالث)).
[9] المغني لابن قدامة ج2/ص8