الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب الصلاة في مواضع الإبل

          ░50▒ (باب: الصَّلاة فِي مَواضِع الإبل)
          كتب الشَّيخ في «اللَّامع»: يعني بذلك أنَّ الَّذِي ورد مِنَ النَّهي عن الصَّلاة في مبارك الإبل، ليس على عمومه، ولا مبنيًّا على علَّةٍ في نفس ذات الإبل، الوجه في ذلك ما يلزم مِنْ تشويش القلب وتفرُّق البال، فلا ضير لو اطمأنَّ بنوعٍ مِنْ أسباب الطُّمأنينة كما في الرَّواحل المدرَّبة، فإنَّها لا تكاد تقوم بعد إقعادها ولا تنفر على صاحبها بعد إناختها، ويستوي في جواز الصَّلاة بعد تحصيل الطُّمأنينة وكراهتها عند عدم اطمئنان الواحد والكثير، فصحَّ الاحتجاج بفعل ابن عمر براحلةٍ على جواز ذلك الأمر في رواحل، وإجْزاءُ الصَّلاة في مبارك الإبل إذا(1) اطمأنَّ منها، كما اطمأنَّ منها. انتهى.
          وفي «هامشه»: غرض الإمام البخاريِّ بالتَّرجمة واضحٌ وهو الرَّدُّ على مسلك الإمام أحمد، إذ قال: بفساد الصَّلاة في مبارك الإبل لرواية البراء المتقدِّم في الباب السَّابق. انتهى.
          قال الحافظ: كأنَّ المصنِّف أشار إلى أنَّ الأحاديث الواردة في التَّفرقة بين الإبل والغنم ليست على شرطه، وكونُها مِنَ الشَّياطين لو كان ذلك مانعًا مِنْ صحَّة الصَّلاة لامتنع مثله في جعلها أمام المصلِّي، وكذلك صلاة راكبها، وقد ثبت أنَّه صلعم كان يصلِّي النَّافلة وهو على بعيره. انتهى مختصرًا.
          وقال السِّنديُّ: غرض التَّرجمة أنَّ النَّهي عن الصَّلاة في المعاطن وهي مواضع إقامتها عند شرب الماء خاصٌّ بالمعاطن، فلا يقاس عليها غيرها مِنْ مواضع الإبل. انتهى.
          قلت وفيه أن النهي لم يرد بلفظ (المعاطن) فقط، بل في حديث جابر ☺ عند مسلم وحديث البراء عند أبي داود بلفظ ((مبارك الإبل))، وفي حديث أسيد عند الطبراني ((مناخ الإبل))، وفي حديث عبد الله بن عمر وعند أحمد ((مرابد الإبل))، قال الحافظ ولذا بوب الإمام البخاري بلفظ (المواضع)، لأنها أشمل والمعاطن أخص / منه، وقد ذهب بعضهم إلى أن النهي خاص بالمعاطن دون غيرها من الأماكن التي تكون فيها الإبل، وقيل هو مأواها مطلقا، نقله صاحب «المغني» عن أحمد. انتهى.


[1] في (المطبوع): ((إذ)).