الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب ذكر البيع والشراء على المنبر في المسجد

          ░70▒ (باب: ذكر البيع والشِّراء...)
          في «تراجم شيخ المشايخ»: غرضه إثبات جواز التَّكلُّم بالإيجاب والقَبول للبيع في المسجد، بلا إحضار المبيع فيه، لكونه مثل التَّكلُّم كسائر الكلمات المباحة في المسجد، لكنَّ في دلالة الحديث المُخَرَّج في البَاب عَلى ذَلك نَوعَ خَفَاءٍ، لأنَّه ╧ ذكر البيع والشِّراء في المسجد لإفادة حكمٍ شرعيٍّ، فهي إفادةٌ علميَّةٌ ليست ممَّا نحن فيه، لكن خصَّ المؤلِّف نظرًا إلى مجرَّد ذكر البيع والشِّراء جاء منه صلعم، والإيجاب والقبول بلا إحضار المبيع ليس إلَّا ذكر البيع والشِّراء فيجوز، وإن كان هذا مِنْ وجهٍ وهذا مِنْ وجهٍ آخر، ومثل هذه الاستدلالات كثيرٌ في البخاريِّ. انتهى.
          قلت: وهذا هو الاستدلال بالعموم وهو الأصل الخمسون مِنْ أصول التَّراجم.
          قال الحافظ: مطابقة الحديث للتَّرجمة بقوله: (ما بال أقوامٍ يشترطون) فإنَّ فيه إشارةً إلى القصَّة المذكورة، وقد اشتملت على بيعٍ وشراءٍ وعتقٍ وولاءٍ، ووهم(1) بعض مَنْ تكلَّم على هذا الكتاب فقال: ليس فيه أنَّ البيع والشِّراء وقعا في المسجد ظنًّا منه أنَّ التَّرجمة معقودةٌ لبيان جواز ذلك، وليس كما ظنَّ للفرق بين جريان ذكر الشَّيء والإخبار عن حكمه، فإنَّ ذلك حقٌّ وخيرٌ، وبين مباشرة العقد فإنَّ ذلك يفضي إلى اللَّغط المنهيِّ عنه. انتهى.
          فقد ورد النَّهي عن مباشرة العقد في كثيرٍ مِنَ الرِّوايات، ففي روايةٍ عند أبي داود عن عمرو بن شُعيبٍ عن أبيه عن جدِّه: ((أنَّ رسول الله صلعم نهى عن الشِّراء والبيع في المسجد..))(2) الحديث.
          قال السِّنديُّ: قوله: (باب: ذكر البيع) أي: ذكر مسائله، نبَّه على أنَّ ما ورد النَّهي عنه هو فعل البيع والشِّراء في المسجد، وأمَّا ذكرهما وذكر ما يتعلَّق بهما مِنَ العلم فليس بمنهيٍّ عنه. انتهى.


[1] في (المطبوع): ((وهم)).
[2] سنن أبي داود، باب التحلق يوم الجمعة قبل الصلاة، (رقم 1079)، وأخرجه الترمذي في سننه، أبواب الصلاة، باب ما جاء في كراهية البيع والشراء وإنشاد الضالة والشعر في المسجد، (رقم 322).وقال حديث حسن