الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب سترة الإمام سترة من خلفه

          ░90▒ (باب: سُتْرَة الإمام...) إلى آخره
          في(1) «تراجم شيخ المشايخ» لمَّا فرغ مِنْ أحكام المسجد شرع في أحكام السُّترة، وغرض المؤلِّف مِنْ عقد هذا الباب أنَّ سترة الإمام كافٍ للقوم، فمع سترة الإمام لو مرَّ المارُّ بين يدي القوم لا يأثم بذلك، والإشارة إلى ما قاله الشَّافعيُّ في معنى قول ابن عبَّاسٍ: ((يصلِّي بالنَّاس بمنًى إلى غير جدارٍ)) أي: إلى غير سترةٍ، ليس على ما ينبغي، بل معناه: إلى غير جدارٍ يكون هو سترةً، وإن كانت العَنَزة سترةً له، لأنَّه ثبت مِنْ تتبُّع أحواله صلعم في صلاته في الصَّحراء أنَّه ما صلَّى إلَّا والعَنَزة تكون بين يديه، ولذلك استشكل استدلال ابن عبَّاسٍ بذلك، لأنَّ عدم إنكار أحدٍ له يجوز لكون صلاة رسول الله صلعم إلى سترةٍ، وسترة القوم سترة الإمام، بل الظَّاهر هو هذا، فافهم، ويمكن توجيه قول الشَّافعيِّ: إلى غير سترةٍ، أي: إلى غير سترة جدارٍ دون مطلق السُّترة، فلا مخالفة بين قوله وقول الآخرين. انتهى.
          ومسألة الباب خلافيَّةٌ، ففي «هامشي على البذل» أجمعوا على أنَّ المأموم لا يحتاج إلى سترةٍ بعد سترة الإمام، واختلفوا في أنَّ الإمام سترةٌ لِمَنْ خلفه، أو سترته سترةٌ لِمَنْ خلفه، قولان للمالكيَّة كما قال الدَّردير، ومختار الحنفيَّة الثَّاني كما في «البحر الرَّائق» ونصَّ عليه أحمد وبه قال الشَّافعيُّ كما في «المغني».
          وثمرة الخلاف تظهر في المرور أمام الصَّفِّ الأوَّل، فعلى الأوَّل يحرم لأنَّه مرورٌ بينه وبين سترته، وعلى الثَّاني يجوز لأنَّ الإمام حائلٌ بينه وبين سترته، كذا قال الدَّردير(2). انتهى.
          وفي «الفتاوى الرَّشيديَّة»: يستثنى منه الصَّلاة في المقابر فإنَّ فيها لا بدَّ مِنَ السِّترة لكلِّ واحدٍ مِنَ الإمام والمأموم. انتهى معرَّبًا.


[1] في (المطبوع): ((وفي)).
[2] بذل المجهود4/381