الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب إذا دخل بيتا يصلى حيث شاء أو حيث أمر ولا يتجسس

          ░45▒ (باب: إذَا دَخَلَ بَيْتًا...) إلى آخره
          اختلفوا في غرض التَّرجمة، ففي «تراجم شيخ المشايخ» أي: هو مخيَّرٌ، يصلِّي في أيِّ موضعٍ شاء بعد الاستئذان للدُّخول وحصول الإذن، أو يصلِّي حيث أُمِرَ، لكن ينبغي ألَّا يكون ذلك مقرونًا بالتَّجَسُّس المَنْهِيِّ عنه. انتهى.
          وفي «تقرير مولانا محمَّد حسن المكِّيِّ»: قوله: (حيث شاء) إن خَيَّره أهل البيت أو حيث أُمِر، أي: إن أَمَره / بمكانٍ معيَّنٍ ولا يتجسَّس بعد أَمْرِهم أوْ بَعْدَ ما إذا تقرَّر مشيئته بمكانٍ. انتهى.
          قلت: ويؤيِّده ما تقدَّم مِنْ كلام شيخ المشايخ.
          قال الحافظ: قيل مراد التَّرجمة: الاستفهام لكن حُذِفَت أداته، أي: هل يتوقَّف على إذن صاحب المنزل أو يكفيه الإذن العامُّ في الدُّخول، فـ(أو) على هذا ليست للشَّكِّ. انتهى.
          وقال العينيُّ: همزة الاستفهام مُقَدَّرةٌ، تقديره: أيُصَلِّي حيث شاء؟ أو حيث أُمِر؟ وفي بعض النُّسخ هكذا بهمزة الاستفهام، والمعنى على هذا، وإلَّا لا يطابق الحديث التَّرجمة جميعًا، ولا يطابق إلَّا الجزء الثَّاني، وعن هذا قال ابن بطَّالٍ: لا يقتضي لفظ الحديث أن يصلِّي حيث شاء، وإنَّما يقتضي أن يصلِّي حيث أُمِر، لقوله: (أين تحبُّ أن أصلِّي؟) فكأنَّه قال: باب: إذا دخل بيتًا هل يصلِّي حيث شاء أو حيث أُمِر؟ لأنَّه صلعم استأذنه في موضع الصَّلاة، ولم يصلِّ حيث شاء، فَيَبْطُل حكم حيث شاء، ويؤيِّده قوله: (ولا يتجسَّس) أي: لا يتفحَّص موضعًا يصلِّي فيه، وهو بالجيم أو الحاء، والمعنى متقاربٌ، والأوَّل أظهر. انتهى.
          قال الحافظ: قال المهلَّب: دلَّ الحديث على إلغاء الشِّقِّ الأوَّل باستئذانه صلعم، وقال ابن المُنَيِّر: إنَّما أراد البخاريُّ أنَّ المسألة موضع نظرٍ فهل يصلِّي [مَنْ دُعي] حيث شاء؟ لأنَّ الإذن بالدُّخول عامٌّ في أجزاء المكان فأينما صلَّى أو جلس تناوله الإذن، أو يحتاج إلى أن يستأذن في تعيين المكان، لأنَّه صلعم فعل ذلك، الظَّاهر الأوَّل، وإنَّما استأذن النَّبيُّ صلعم، لأنَّه دُعِي للصَّلاة ليَتَبَرَّك صاحب البيت بمكانه، أمَّا مَنْ صلَّى لنفسه فهو على عموم الإذن. انتهى.
          في(1) «تراجم شيخ المشايخ» فإن قيل الحديث لا يقتضي أن يصلي حيث شاء، وإنما يقتضي أن يصلي حيث أمر، قلت في بعض طرقه إشارة إلى أن عتبان فوض الأمر إليه صلعم في تخصيص المكان، فلو صلى حيث شاء جاز، لكن رد الأمر إليه تبرعا. انتهى.


[1] في (المطبوع): ((وفي)).