الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب هل يقال مسجد بني فلان؟

          ░41▒ (باب: هل يُقَال: مَسْجِد بَنِي فُلَان؟)
          كتب الشَّيخ في «اللَّامع»: لمَّا كان المسجد بيتَ الله تعالى ودار عبادته، أوْهَمَ ذلك أنَّ نسبته إلى غيره لعلَّه يكون إشراكًا به، ولا أقلَّ مِنْ كراهة ذلك وإساءة الأدب فيه، دَفَعَه بإيراد الرِّواية، فكان أمرًا ليس فيه بأسٌ. انتهى.
          وفي «هامشه»: وبذلك جزم شيخ المشايخ في «التَّراجم» إذ قال: إنَّما اهتمَّ المصنِّف بإثبات ذلك، لأنَّ كون المساجد مملوكةً لله تعالى غير مملوكةٍ لأحدٍ، يوهم أنَّه لا يجوز إضافتها إلى أحدٍ، فلدفع هذا الوهم أثبت أنَّه يجوز الإضافة لعلاقةٍ ما، مِنَ البناء أو التَّولية أو القرب. انتهى.
          قلت: أو ترجم بذلك ردًّا لِما روي عن بعض السَّلف كراهةُ ذلك.
          قال الحافظ: الجمهور على الجواز والمخالف في ذلك إبراهيم النَّخَعيُّ، لأنَّه كان يكره أن يقال: مسجد بني فلان، ومصلَّى بني فلان، لقوله تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ} [الجن:18].
          والجواب أنَّ هذا إضافة تمييزٍ لا ملكٍ، وإنَّما أورد المصنِّف بلفظ الاستفهام لينبِّه على أنَّ فيه احتمالًا، إذ يحتمل أن يكون ذلك قد علمه النَّبيُّ صلعم بأن تكون هذه الإضافة وقعت في زمنه، ويحتمل أن يكون ذلك ممَّا حدث بعده والأوَّلُ أظهر. انتهى.
          قلت: ويقوِّي الاحتمال الثَّاني ما قالوا في حديث ابن عبَّاسٍ الآتي في أبواب العيد بلفظ: (حتَّى أتَى العَلَم الَّذِي عند دار كَثِير بن الصَّلت).
          قال الحافظ: إنَّ تعريفه بكونه عند دار كَثير بن الصَّلت على سبيل التَّقريب للسَّامع، وإلَّا فدارُ كَثير بن الصَّلت مُحْدَثَة بعد النَّبيِّ صلعم. انتهى.
          فيحتمل مثل ذلك في حديث الباب أيضا.