نجاح القاري لصحيح البخاري

حديث: بل أنت سهل

          6193- (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى) أي: ابن يزيد الفراء الرَّازي الصَّغير أبو إسحاق، قال: (حَدَّثَنَا) وفي رواية أبي ذرٍّ: <أخبرنا> (هِشَامٌ) هو: ابنُ يوسف الصَّنعاني (أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ) هو: عبدُ الملك بن عبد العزيز بن جُريج (أَخْبَرَهُمْ، قَالَ: أَخْبَرَنِي) بالإفراد (عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ شَيْبَةَ) بضم الجيم وفتح الموحدة وبالراء مصغراً، وشَيْبَة _بفتح الشين المعجمة وسكون التَّحتية وفتح الموحدة_ ابن عثمان الحَجَبي (قَالَ: جَلَسْتُ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فَحَدَّثَنِي) بالإفراد (أَنَّ جَدَّهُ حَزْناً / قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صلعم ) تقدَّم في الباب السَّابق [خ¦6190]: أخبرنا مَعمر، عن الزُّهري، عن سعيد بن المسيَّب، عن أبيه: أنَّ أباه جاء إلى النَّبي صلعم ، فرواه موصولاً عن أبيه عن جدِّه، ورواه هنا عن جدِّه مرسلاً فأسقط أباهُ، وهذا على قاعدة الشَّافعي أنَّ المرسل إذا جاءَ موصولاً من وجهٍ آخر تبين صحَّة مخرج المرسل.
          وقاعدة البخاري أنَّ الاختلافَ في الوصل والإرسال لا يقدح المرسل في الموصول إذا كان الواصل أحفظ من المرسل كالَّذي هنا، فإنَّ الزُّهري أحفظ من عبد الحميد.
          (فَقَالَ) صلعم لحزن: (مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: اسْمِي حَزْنٌ، قَالَ: بَلْ أَنْتَ سَهْلٌ، قَالَ: مَا أَنَا بِمُغَيِّرٍ اسْماً سَمَّانِيهِ أَبِي، قَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ: فَمَا زَالَتْ فِينَا الْحُزُونَةُ بَعْدُ) قال الطَّبري: وقد غير رسول الله صلعم عدَّة أسماء، وليس ما غيّر من ذلك على وجهِ المنع من التَّسمي بها، بل على وجه الاختيار، ومن ثمَّة أجاز المسلمون أن يسمَّى الرَّجل القبيح بحَسَنٍ والفاسد بصالحٍ، فإنَّ الأعلام إنَّما هي لأعلام الشَّخص لا يقصد بها حقيقة الصِّفة، لكن وجه الكراهة أن يسمع سامعٌ بالاسم فيظنُّ أنَّه صفةٌ للمسمَّى، فلذلك كان صلعم يحول الاسم إلى ما إذا دُعِي به صاحبه كان صدقاً، ويدلُّ عليه أنَّه صلعم لم يلزم حزناً لما امتنع من تحويل اسمه إلى سهل، ولو كان ذلك لازماً لما أقرَّه على قوله: لا أغير اسماً سمَّانيه أبي.
          قال أبو داود: وقد غيَّر النَّبي صلعم اسم العاص، وعَتَلة _بفتح المهملة والمثناة بعدها لام_ وشيطان، وغراب، وحُباب _بضم المهملة وتخفيف الموحدة_ وشهاب، وحرب، وغير ذلك. انتهى.
          أمَّا العاص الَّذي ذكره فهو مطيع بن الأسود العدوي والد عبد الله بن مطيع، ووقع مثله لعبد الله بن الحارث بن حزن، وعبد الله بن عَمرو، وعبد الله بن عمر، أخرجه البزَّار والطَّبراني من حديث عبد الله بن الحارث بسندٍ حسنٍ، والأخبار في مثل ذلك كثيرة.
          وعتلة هو: عتبة بن عبد السُّلمي، وشيطان هو: عبد الله، وغراب هو: مسلم أبو رائطة، / وحُباب هو: عبد الله بن عبد الله بن أبي، وشهاب هو: هشام بن عامر الأنصاري، وحرب هو: الحسن بن عليٍّ ☻ سمَّاه عليٌّ أولاً حرباً، ذكره الحافظ العسقلاني في كتابه في «الصَّحابة».
          ومطابقة الحديث للتَّرجمة ظاهرةٌ، وقد سبق الحديث قبل هذا الباب [خ¦6190].