نجاح القاري لصحيح البخاري

باب ما جاء في زعموا

          ░94▒ (بابُ مَا جَاءَ فِي) قول: (زَعَمُوا) كأنَّه يشيرُ إلى حديث أبي قِلابة عند أحمد وأبي داود بإسناد رجاله ثقاتٌ، إلَّا أنَّ فيه انقطاعاً قال: قيل لابنِ مسعود: ما سمعتَ من رسول الله صلعم يقول في ((زعموا))؟ قال: ((بئسَ مطيَّة الرَّجل زعموا)). في المثل: زعموا مطيَّة الكذبِ.
          وكأنَّ المصنِّف أشارَ إلى ضعفِ هذا الحديث بإخراجهِ حديث أمِّ هانئ، وفيه قولها: ((زعمَ ابن أمَّي)) [خ¦6158]، فإنَّ أم هانئ أطلقت ذلك في حقِّ علي ☺، ولم ينكرْ عليها النَّبي صلعم ، والأصل في ((زعم)) أنَّه يقال في الأمر الذي لا يُوقَف على حقيقتهِ.
          وقال ابن بطَّال: يقال: زعمَ إذا ذكر خبراً لا يدري أحقٌّ أم باطلٌ، وقد رُوي في الحديث: ((زعموا بئسَ مطيَّة الرجل)) ومعناه: أنَّ مَنْ أكثر مِن الحديث ممَّا لا يُعلم صدقه لم يُؤمن عليه الكذبَ.
          وقال ابنُ الأثير: وإنما يقال: زعموا في حديثٍ لا سندَ له ولا ثبت فيه، وإنما يحكى على الألسن على سبيلِ البلاغ. وقال غيره: كثُر استعمال الزَّعم بمعنى القول، وقد وقع في حديث ضِمَام بن ثعلبة الماضي في ((كتاب العلم)): زعم رسولك [خ¦63].
          وقد أكثر سيبويه في كتابه من قوله في أشياء يرتضيها: زعم الخليل. وقال ابنُ الأثير: والزَّعم بالفتح والضم قريبٌ من الظَّنِّ.