نجاح القاري لصحيح البخاري

حديث: ولكن أسمه المنذر

          6191- (حَدَّثَنَا سَعِيدُ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ) هو: سعيدُ بن الحكم بن محمَّد بن أبي مريم الجُحمي مولاهم البصري، قال: (حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ) بفتح الغين المعجمة والسين المهملة المشددة وبعد الألف نون، محمَّد بن مطرِّف _بكسر الراء المشددة_ (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد (أَبُو حَازِمٍ) بالحاء المهملة والزاي، سلمة بن دينار الأعرج (عَنْ سَهْلٍ) بفتح المهملة وسكون الهاء، هو: ابن سعدٍ السَّاعدي أنَّه (قَالَ: أُتِيَ) بضم الهمزة وكسر الفوقية على البناء للمفعول. (بِالْمُنْذِرِ) على صيغة اسم الفاعل، من الإنذار (ابْنِ أَبِي أُسَيْدٍ) بضم الهمزة وفتح المهملة، مالك بن ربيعة السَّاعدي الأنصاري (إِلَى النَّبِيِّ صلعم حِينَ وُلِدَ) وكانت الصَّحابة ♥ إذا ولد لأحدهم ولد أتى به النَّبيَّ صلعم ليحنِّكه ويبارك عليه / (فَوَضَعَهُ) صلعم (عَلَى فَخِذِهِ) إكراماً لأبيه (وَأَبُو أُسَيْدٍ) والده (جَالِسٌ، فَلَهَا) قال ابن التِّين: روي: <لَهِيَ>، بوزن عَلِم، وهي اللُّغة المشهورة، وبالفتح لغة طي؛ أي: اشتغل وكلُّ ما شغلَكَ، فقد ألهاكَ (النَّبِيُّ صلعم بِشَيْءٍ بَيْنَ يَدَيْهِ) عن الصَّبي فنسيه (فَأَمَرَ أَبُو أُسَيْدٍ بِابْنِهِ، فَاحْتُمِلَ) بضم الفوقية وكسر الميم؛ أي: رفع (من فَخِذِ النَّبِيِّ صلعم فَاسْتَفَاقَ النَّبِيُّ صلعم ) أي: انقضى ما كان مشتغلاً به فأفاق من ذلك، يقال: فلانٌ أفاق: إذا رجعَ إلى ما كان شغل عنه، وعاد إلى نفسه وأفاقَ من نومه ومن مرضهِ، واستفاقَ بمعنىً، يعني: فلم يرَ الصَّبي.
          (فَقَالَ: أَيْنَ الصَّبِيُّ؟ فَقَالَ) أبوه (أَبُو أُسَيْدٍ: قَلَبْنَاهُ) بفتح القاف وتخفيف اللام بعدها موحدة ساكنة؛ أي: صرفناه إلى منزله، وفي رواية أبي ذرٍّ عن الكُشميهني: <أقلبناه> بزيادة همزة في أوله، قال ابن التِّين: والصَّواب حذفها وأثبتها غيره لغة. قال الكرماني: أقلبناه لغة في قلبناه، فلا سهو في زيادة الألف.
          (يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ) صلعم : (مَا اسْمُهُ؟ قَالَ: فُلاَنٌ) قال الحافظُ العسقلاني: لم أقف على تعيينه، فكأنَّه كان سمَّاه باسمٍ ليس مستحسناً فسكتَ عن تعيينه أو سمَّاه فنسيه بعض الرُّواة (قَالَ) صلعم : ليس هذا الاسم الَّذي سمَّيته به اسمه الَّذي يليق به (وَلَكِنْ) وفي رواية أبي ذرٍّ: <لا لكن> (أَسْمِهِ الْمُنْذِرَ) بفتح الهمزة وسكون السين وكسر الميم بصيغة الأمر من الأفعال (فَسَمَّاهُ) صلعم (يَوْمَئِذٍ الْمُنْذِرَ) تفاؤلاً أن يكون له علمٌ ينذر به، قاله الدَّاودي، ومثله قول الطِّيبي لعلَّه صلعم تفاءل به ولمح إلى معنى التَّفقه في الدِّين في قوله: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ} إلى قوله: {وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ} [التوبة:122] وسقطت الواو من قوله: <ولكن> في رواية أبي ذرٍّ.
          ومطابقة الحديث للتَّرجمة تؤخذ من قوله: ((ولكن اسمه المنذر))، وذلك لأنَّه صلعم لمَّا سأل ما اسمه؟ قال أبو أسيد: فلان، قال: ((ولكن اسمه / المنذر)) فكان الَّذي سمَّاه أبوه قبيحاً فغيره النَّبي صلعم إلى المنذر، وقد أخرجه مسلمٌ في ((الأدب)) أيضاً.