نجاح القاري لصحيح البخاري

باب قول النبي: «خير دور الأنصار»

          ░47▒ (بابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلعم : خَيْرُ دُورِ الأَنْصَارِ) وهذا من لفظ الحديث، لكن ما ذكره كاملاً، وتمامه: ((بنو النَّجَّار))، فذكر المبتدأ، وترك الخبر. قيل: هذه التَّرجمة لا تليق هاهنا؛ لأنَّها ليست من الغيبة أصلاً؟ وأُجيب: بأنَّ المفضَّل عليهم يكرهون ذلك، فبهذا القدر يحصل الوجه لإيراد هذه التَّرجمة هاهنا، وإن كان هذا المقدار لا يعدُّ غيبةً، وهذا نحو قولك أبو بكرٍ أفضل من عمر، وليس ذلك غيبةً لعمر ☻ .
          ومن هذا القبيل ما فعله يحيى بن معينٍ وغيره من أئمَّة الحديث من تخريج الضُّعفاء، وتبيين أحوالهم خشية التباس أمرهم على العامَّة، واتِّخاذهم أئمَّة وهم غير مستحقُّون / لذلك.
          والحاصل: أنَّه يُستثنى ذلك من عموم قوله: ((ذكرك أخاك بما يكره))، ويكون محل الزَّجر إذا لم يترتَّب عليه حكمٌ شرعيٌّ، فأمَّا إذا ترتَّب فلا يكون غيبةً ولو كرهه المحدَّث عنه، ويدخل في ذلك ما يُذكر لقصد النَّصيحة من بيان غلط مَن يُخشى أن يُقلَّد، أو يُغترَّ به في أمرٍ ما، فلا يدخل ذكره بما يكره من ذلك في الغيبة المحرَّمة.