نجاح القاري لصحيح البخاري

باب الكبر

          ░61▒ (بابُ الْكِبْرِ) أي: ذمَّه، وهو بكسر الكاف وسكون الموحدة، وهو ثمرة العجب وقد هلك بهما كثيرٌ من العلماء والعباد والزُّهَّاد. قال الرَّاغب: الكِبر والتَّكبر والاستكبار متقاربٌ، فالكبر الـحالة الَّتي يتخصَّص بها الإنسان من إعجابه، بنفسه وذلك أن يرى نفسَه أكبر من غيره جهلاً بها، وأعظم ذلك أن يتكبَّر على ربِّه بأن يمتنع من قبول الحقِّ والإذعان له بالتَّوحيد والطَّاعة، والتَّكبر يأتي على وجهين:
          أحدهما: أن تكون الأفعالُ الحسنةُ زائدةً على محاسنِ الغير، ومن ثمة وُصِف سبحانه وتعالى بالمتكبِّر.
          والثَّاني: أن يكون / متكلِّفاً لذلك متشبِّعاً بما ليس فيه، وهو وصف عامَّة النَّاس نحو قوله تعالى: {كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ} [غافر:35] والمستكبر مثله.
          (قَالَ مُجَاهِدٌ) هو: ابن جبر ({ثَانِيَ عِطْفِهِ} [الحج:9] مُسْتَكْبِرٌ فِي نَفْسِهِ عِطْفُهُ: رَقَبَتُهُ) وصله الفريابيُّ عن ورقاء عن ابنِ أبي نَجيحٍ عن مجاهد، قال: في قوله تعالى: {ثاني عطفه} قال: رقبته. وأخرج ابن أبي حاتمٍ من طريق على بن أبي طلحةَ على ابن عبَّاس ☻ في قوله: {ثَانِيَ عِطْفِهِ} قال: مستكبرٌ في نفسه، ومن طريق قتادة قال: لاوي عنقه (1) ومن طريق السُّدِّي {ثَانِيَ عِطْفِهِ} أي: معرض من العظمة.
          ومن طريق أبي صخرٍ المدني قال: كان محمد بن كعبٍ يقول: هو الرَّجل يقول هذا شيءٌ ثنيت عليه رجلي فالعِطْفُ هو: الرِّجْلُ، قال أبو صخرٍ: والعرب تقول العِطْفُ: العنق، وأخرج ابنُ أبي حاتمٍ من وجهٍ آخر عن مجاهد أنَّها نزلت في النَّضر بن الحارث.


[1] في هامش الأصل: أي عن طاعة الله كبراً وخيلاء. منه.