نجاح القاري لصحيح البخاري

باب من ترك صبية غيره حتى تلعب به أو قبلها أو مازحها

          ░17▒ (بابٌ مَنْ تَرَكَ صَبِيَّةَ غَيْرِهِ حَتَّى) أي: إلى أن (تَلْعَبَ بِهِ) أي: ببعض جسده (أَوْ قَبَّلَهَا) للشَّفقة؛ لأنَّ التَّقبيل على أنواع (أَوْ مَازَحَهَا) أي: مزح معها لتأنيسها، وهو من الممازحةِ من باب المفاعلة الذي / يقتضي الاشتراك من الجانبين. والأوجه: أن يكون مازحَ هنا بمعنى: مزح؛ لأنَّ المزح لا يتصوَّر من صغيرٍ.
          قال ابن التِّين: ليس في الخبر المذكور في الباب ذكرٌ للتَّقبيل، فيُحتمل أن يكون لمَّا لم ينهها عن مسِّ جسده صار كالتَّقبيل، وإلى ذلك أشار ابن بطَّالٍ. قال الحافظ العسقلانيُّ: والَّذي يظهر لي: أنَّ ذكر المزح بعد التَّقبيل من العامِّ بعد الخاصِّ، وأنَّ الممازحة بالقول والفعل مع الصَّغير والصَّغيرة، إنَّما يقصد بها التَّأنيس، والتَّقبيلُ من جملة ذلك.
          وتعقَّبه العينيُّ: بأن كلَّ واحدٍ من التَّقبيل والمزاح معنى خاص، وليس بينهما عمومٌ وخصوص، ثمَّ المزح الدُّعابة، وقد مزح يمزح، والاسم: المُزاح _بالضم_، والمزاحة أيضاً، وأمَّا المِزْحُ _بالكسر_ فهو مصدرٌ.