نجاح القاري لصحيح البخاري

باب تسمية الوليد

          ░110▒ (بابُ تَسْمِيَةِ الْوَلِيدِ) بفتح الواو وكسر اللام بعدها تحتية فدال مهملة، وغرض المصنِّف من وضع هذه التَّرجمة الرَّد على ما رواه الطَّبراني من حديث ابن مسعودٍ ☺: نهى رسول الله صلعم أن يسمِّي الرَّجل عبده أو ولده حرباً أو مرَّة أو وليداً، فإنَّه حديثٌ ضعيف جدًّا.
          وعلى ما رواه عبد الله بن أحمد قال: حدَّثني أبي قال: أخبرنا أبو المغيرة قال: أخبرنا ابن عياش وهو إسماعيل، قال: أخبرنا الأوزاعي وغيره عن الزُّهري عن سعيد بن المسيَّب عن عمر بن الخطَّاب ☺ قال: ((وُلِدَ لأخي أمِّ سلمة زوج النَّبي صلعم غلامٌ فسمُّوه: الوليد، فقال رسول الله صلعم : سمَّيتموه بأسماء فراعنتكم؛ ليكوننَّ في هذه الأمَّة رجلٌ يقال له: الوليد لهو / أشرُّ على هذه الأمَّة من فرعون لقومه)).
          قال الوليد بن مسلم في روايته عن الأوزاعي أنَّه قال: فكانوا يرونه الوليد بن عبد الملك، ثمَّ رأينا أنَّه الوليد بن يزيد لفتنة النَّاس به حتَّى خرجوا عليه فقتلوهُ، وانفتحت الفتن على الأمَّة بسبب ذلك وكثر فيهم القتل. وقال أبو حاتم بن حبَّان: هذا خبرٌ باطل ما قاله رسول الله صلعم ولا رواه عمر ولا حدَّث به سعيد ولا الزُّهري ولا هو من حديث الأوزاعي بهذا الإسناد.
          قال ابن حبَّان: لمَّا كبر إسماعيل تغيَّر حفظه فكثر الخطأُ في حديثه، وهو لا يعلم وقد رواهُ وهو مختلطٌ، واعتمد ابنُ الجوزي على كلام ابن حبَّان، فأورد الحديث في «الموضوعات».
          قال الحافظُ العسقلاني: فلم يُصِبْ، فإنَّ إسماعيل لم ينفردْ به، وعلى تقدير انفراده فإنَّما انفرد بزيادة عمر في الإسناد وإلَّا فأصلُه عند الوليد وغيره من أصحاب الأوزاعي عنه، وعند مَعمر وغيره من أصحاب الزُّهري، فإن كان سعيد بن المسيَّب تلقَّاه عن أمِّ سلمة ♦ فهو على شرط الصَّحيح.
          ومن شواهد هذا الحديث ما أخرجَه الطَّبراني من حديث معاذ بن جبل ☺، قال: خرج علينا رسولُ الله صلعم ، فذكر حديثاً فيه قال: ((الوليد اسم فرعون هادم شرائع الإسلام، يبوءُ بدمه رجلٌ من أهل بيته)) ولكن سنده ضعيفٌ.
          ولمَّا كان في هذه الأحاديث مقالٌ لم يذكر البخاري شيئاً منها، وأورد في الباب الحديث الَّذي يدلُّ على الجواز.