نجاح القاري لصحيح البخاري

باب: النميمة من الكبائر

          ░49▒ (بابٌ: النَّمِيمَةُ مِنَ الْكَبَائِرِ) أي: من الذُّنوب الكبائر.
          وقد سقط لفظ: «باب» في رواية أبي ذرٍّ وحده، / والنَّميمة: فعلٌ مكروهٌ بقصد الإفساد وضابطها كشف ما يُكره من شيءٍ وبكلِّ ما يفهم منه الفساد.
          قال الغزاليُّ ما ملخَّصه: النَّميمة في الأصل: نقل القول إلى المقول فيه، ولا اختصاص له بذلك، بل ضابطها كشف ما يكره كشفه سواءٌ كرهه المنقول عنه أو المنقول إليه أو غيرهما، وسواءٌ كان المنقول قولاً أو فعلاً، وسواء كان غنياً أم لا، حتَّى لو رأى شخصاً يُخفي ماله فأفشى كان نميمة، وهي أمُّ الفتن.
          وقد قيل: إنَّ النَّمَّام يفسد في ساعةٍ ما لا يفسده السَّاحر في شهرٍ، وعلى سامعها إن جهل كونها نميمةً أو نصحاً أن يتوقَّف حتماً، فإن تبيَّن أنَّها نميمة فعليه أن لا يصدِّقه لفسقه بها، ثمَّ ينهاه عنها وينصحه ويبغضُه في الله ما لم يتب، ولا يظنُّ بأخيه الغائب سوءً، أو يحرم بحثه عنها، هل هو محقَّق أم لا؟ وحكايتُه لما نقل إليه كيلا ينتشر التَّباغض، ولا ينمَّ على النَّمام فيصير نمَّاماً.
          قال النَّووي: وهذا كلُّه إذا لم يكن في النَّقل مصلحةٌ شرعيَّة، وإلَّا فهو مستحبٌّ أو واجبٌ، كمن اطَّلع من شخصٍ أنه يريد أن يُؤذي شخصاً ظلماً فحذره منه.