نجاح القاري لصحيح البخاري

باب الإخاء والحلف

          ░67▒ (بابُ الإِخَاءِ) بكسر الهمزة؛ أي: المؤاخاة (وَالْحِلْفِ) بكسر الحاء المهملة وسكون اللام وبالفاء، وهو: العهدُ يكون بين القوم، وقد حالفهُ؛ أي: عاهده. وقد تقدَّم بيانه في أوائل «الهجرة» [خ¦63/50-5856].
          (وَقَالَ أَبُو جُحَيْفَةَ) بتقديم الجيم المضمومة على المهملة المفتوحة، وهبُ بن عبد الله السَّوائي نزل الكوفة وابتنى بها داراً (آخَى النَّبِيُّ صلعم بَيْنَ سَلْمَانَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ) ☻ ؛ أي: جعلهما أخوَين. /
          وقد مرَّ هذا التَّعليق في «باب كيف آخى النَّبي صلعم بين أصحابه» [خ¦63/50-5856]، وآخى النَّبي صلعم بين المهاجرين والأنصار أوَّل قدومه المدينة، وحالف بينهم، وكانوا يتوارثون بذلك الإِخاء والحلف دون ذوي الأرحام. وقال الحسنُ: كان هذا قبل آية المواريث، وكان أهل الجاهليَّة يفعلون ذلك. وقال ابن عبَّاسٍ ☻ : فلمَّا نزلت: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} [النساء:33] يعني: ورثة نسخت.
          ويقال: إنَّ الحليف كان يرث السُّدس ممَّن حالفه حتَّى نزلت: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ} [الأنفال:75].
          وقال الطَّبري: ولا يجوز الحِلف اليوم في الإسلام؛ لحديث جُبير بن مطعمٍ ☻ عن النَّبي صلعم أنَّه قال: ((لا حِلْف في الإسلام، وما كان من حلف في الجاهليَّة فلا يزيده الإسلام إلَّا شدَّة)).
          وقال ابن عبَّاس ☻ : نسخ الله حلف الجاهليَّة وحلف الإسلام بقوله: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} [الأنفال:75]، وردُّ المواريث إلى القرابات.
          (وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ) ☺: (لَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ آخَى النَّبِيُّ صلعم بَيْنِي وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ) هو طرفٌ من حديثٍ سبق في «فضائل الأنصار» [خ¦3937] موصولاً. وأخرج أحمد والبخاريُّ في «الأدب المفرد» بسندٍ صحيحٍ عن أنس ☺ قال: آخى النَّبي صلعم بين ابن مسعودٍ والزُّبير. وذكر غير واحدٍ: أنَّه آخى صلعم بين أصحابه مرَّتين، مرَّةً بين المهاجرين فقط، ومرَّةً بين المهاجرين والأنصار.