نجاح القاري لصحيح البخاري

باب قول النبي: «تربت يمينك»، و«عقرى حلقى»

          ░93▒ (بابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلعم تَرِبَتْ يَمِينُكَ) قال ابن السِّكيت: أصل تربت: افتقرت، ولكنها كلمة تُقال ولا يُراد بها الدُّعاء، بل يُراد بها التَّحريض على الفعل، وأنَّه إن خالف أساء.
          وقال النَّحاس: معناه إن لم تفعل لم يحصل في يديك إلَّا التراب، وقال ابنُ كيسان: هو مَثَلٌ جرى على أنه إن فاتك ما أمرتُك به افتقرت من العلم، وقيل: هي كلمةُ تستعمل في المدح عند المبالغة كما قالوا للشاعر قاتلَه الله: لقد أجادَ.
          وقال ابنُ الأثير: تربَ الرجل: إذا افتقر؛ أي: لصقَ بالتراب، وأتربَ إذا استغنى، وقيل: معناه لله درك.
          (وَعَقْرَى حَلْقَى) أي: عقرهَا الله وحلقها؛ يعني: أصابها وجعٌ في حلقها خاصَّة، / وهكذا يرويهِ المحدِّثون غير منون بوزن: غضبى حيث هو جار على المؤنث، والمعروف في اللُّغة التَّنوين على أنَّه مصدرُ فعلٍ متروكِ اللَّفظ تقديره: عقرها الله عَقْراً، وحَلَقها حَلْقاً، ويقال للأمر يعجبُ منه: عقراً حلقاً، ويقال أيضاً للمرأة إذا كانت مؤذية مشؤومة.
          وقال الكرمانيُّ: وعقراً؛ أي: عَقر الله جسدهَا، وحلقاً أصابها وجعٌ في حلقها، وربما قالوا: عقرى حلقى، بلا تنوين فهو نعت، وقيل: مصدر كدعوى، وقيل: جمع عقير وحليق.
          وقال أبو علي القالي: هو بالمدِّ والقصر معاً، وقال الأصمعيُّ: يقال لما يُتعجَّب منه ذلك.