نجاح القاري لصحيح البخاري

باب: في الهدي الصالح

          ░70▒ (بابُ الْهَدْي الصَّالِحِ) كذا في رواية أبي ذرٍّ، وفي رواية غيره: <باب في الهدي الصَّالح> بزيادة: <في>، والهَدْي _بفتح الهاء وسكون الدال_ هو السَّيرة والهيئة والطَّريقة، قاله ابنُ الأثير. وفي الحديث: ((واهدوا هديَ عمار)) أي: سيروا بسيرتهِ، وتهيئوا بهيئتهِ، يُقال: هدى هَدْيَ فلان: إذا سار بسيرتهِ.
          وهذه التَّرجمة لفظ حديث، أخرجه البُخاري في «الأدب المفرد» من وجهين، من طريقِ قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن ابن عبَّاس ☻ رفعه: ((الهدي الصَّالح، والسَّمت الصَّالح والاقتصاد جزء من خمسة وعشرين جزءاً من النُّبوة)). وفي الطَّريق الأخرى: ((جزء من سبعين جزأً من النُّبوة)). وأخرجَه أبو داود وأحمد باللَّفظ الأوَّل، وسنده حسنٌ.
          وأخرجه الطَّبراني من وجه آخر عن ابن عبَّاس ☻ بلفظ: ((خمسة وأربعين))، وسنده ضعيفٌ. وسيأتي الإشارة إلى طريق الجمع بين هذه الرِّوايات في التَّعبير، في شرح حديث الرُّؤيا الصَّالحة [خ¦6986] [خ¦6987].
          قال التُّوربشتي: الاقتصاد على ضربين:
          أحدهما: / ما كان متوسِّطاً بين محمود ومذموم، كالتَّوسط بين الجور والعدلِ، وهذا المراد بقوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ} [فاطر:32]، وهذا محمود بالنسبة(1) .
          والثَّاني: متوسِّط بين طرفي الإفراط والتَّفريط، كالجود فإنَّه متوسط بين الإسراف والبخل، وكالشَّجاعة، فإنَّها متوسِّطة بين التَّهور والجُبن، وهذا هو المرادُ في الحديث.


[1] في الفتح وهذا محمود ومذموم بالنسبة.