نجاح القاري لصحيح البخاري

باب قول الرجل للشيء: ليس بشيء وهو ينوي أنه ليس بحق

          ░117▒ (بابُ قَوْلِ الرَّجُلِ لِلشَّيْءِ) أي: الموجود (لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَهْوَ) أي: والحال، أنَّه (يَنْوِي أَنَّهُ لَيْسَ بِحَقٍّ) وهذا غالباً إنما يكون مبالغةً في النَّفي، كما يقال لمن عمل عملاً غير متقن: ما عملتَ شيئاً، أو قال قولاً غير سديدٍ: ما قلت شيئاً، وهذا ليس بكذب.
          وقال كثيرٌ من المفسِّرين في قوله تعالى: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً} [الإنسان:1] المراد بالذكر هنا: القدر والشَّرف؛ أي: كان موجوداً ولكن لم يكن له قدرٌ يُذكَر به، إما هو مصوَّر من طينٍ على قول من قال: إنَّ المراد به آدم ╕، أو في بطن أمِّه على قول من قال: إنَّ المراد به الجنين.
          (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ) ☻ : (قَالَ النَّبِيُّ صلعم لِلْقَبْرِيْنِ: يُعَذَّبَانِ) بفتح الذال المعجمة المشددة (بِلَا كَبِيْرٍ) نفي (وَإِنَّهُ لَكَبِيْرٌ) إثبات، فكأنَّه قول للشَّيء ليس بشيءٍ.
          وبذلك يطابق التَّرجمة، وهذا تعليقٌ مرَّ في ((الطَّهارة)) موصولاً بتمامهِ [خ¦216] وهو مرَّ رسول الله صلعم بقبرين، فقال: ((إنَّهما ليعذَّبان وما يعذَّبان في كبيرٍ)) ثمَّ قال: ((بلى يعذَّبان في كبير، أمَّا أحدهما فكان لا يستترُ من البول، وأمَّا الآخر فكان يمشي بالنَّميمة))؛ أي: ليس التَّحرز عنهما بمشاق عليكم، وهو عظيمٌ / عند الله ╡.
          وهذا التَّعليق ثابتٌ في أبي ذرٍّ، وأبي الوقت ساقط في رواية غيرهما.