نجاح القاري لصحيح البخاري

باب من سمى بأسماء الأنبياء

          ░109▒ (بابٌ مَنْ سَمَّى) ابنه أو أحداً من جهته (بِأَسْمَاءِ الأَنْبِيَاءِ) أي: باسم نبيٍّ من الأنبياء ╫ كإبراهيم وموسى وعيسى ومحمَّد.
          في هذه التَّرجمة حديثان صريحان:
          أحدهما: أخرجه مسلمٌ من حديث المغيرة بن شعبة عن النَّبي صلعم قال: ((إنَّهم كانوا يسمون بأنبيائهم والصَّالحين قبلهم)).
          ثانيهما: أخرجه أبو داود والنَّسائي والمصنِّف في «الأدب المفرد» من حديث أبي وهب الجُشَمي _بضم الجيم وفتح المعجمة_ رفعه: ((تسمُّوا بأسماء الأنبياء، وأحبُّ الأسماء إلى الله: عبد الله وعبد الرَّحمن، وأصدقها: حارث وهمام، وأقبحها: حرب ومرَّة)).
          قال بعضهم: أمَّا الأولان فلِمَا تقدَّم في باب ((أحب الأسماء إلى الله)) [خ¦78/105-9204]، وأمَّا الآخران: فلأنَّ العبد في حرث الدُّنيا وحرث الآخرة، ولأنَّه لا يزال يهمُّ بالشَّيء بعد الشَّيء، وأمَّا الأخيران فلمَّا في الحرب من المكاره، ولما في مرةٍ من المرارة.
          وكأنَّ المؤلِّف ☼ لما لم يكونا على شرطه اكتفى بما استنبطه من أحاديث الباب، وأشار بذلك إلى الرَّد على من كره ذلك كما جاء عن عمر بن الخطَّاب ☺ من طريق قتادة، عن سالم بن أبي الجعد أنَّه أراد تغيير أسماء أولاد طلحة وكان سمَّاهم بأسماء الأنبياء.
          وذكر الطَّبري وحجَّة هذا القول حديث الحكم بن عطيَّة، عن ثابت عن أنسٍ ☺ رفعه: ((تسمون أولادكم ثمَّ تلعنونهم          )) والحَكَمُ هذا ضعيفٌ ذكره البخاري في «الضعفاء»، قال: وكان أبو الوليد يضعِّفه، وعلى تقدير ثبوته لا حجَّة فيه للمنع بل فيه النَّهي عن لعن من يسمِّي: محمداً.
          وقد رُوِي عنه صلعم : ((سمُّوا باسمي)) [خ¦6187]، وأخرج البخاري أيضاً في «الأدب المفرد» في مثل ترجمة هذا الباب حديث / يوسف بن عبد الله بن سلام قال: ((سمَّاني النَّبي صلعم يوسف)) الحديث وسنده صحيحٌ، وأخرجه التِّرمذي في «الشَّمائل». وأخرج ابنُ أبي شيبة بسندٍ صحيحٍ عن سعيد بن المسيَّب: ((أحبُّ الأسماء إلى الله تعالى أسماء الأنبياء ‰)).
          (وَقَالَ أَنَسٌ) ☺: (قَبَّلَ النَّبِيُّ صلعم إِبْرَاهِيمَ؛ يَعْنِي: ابْنَهُ) ثبت هذا التَّعليق في رواية أبي ذرٍّ عن الكُشميهني وحدَه، وكذا في رواية النَّسفي وهو طرفٌ من حديث أخرجه البخاري موصولاً في ((الجنائز)) [خ¦1303].