إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث جرير: قال لي رسول الله: ألا تريحني من ذي الخلصة

          3076- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى) العَنَزِيُّ قال: (حَدَّثَنَا يَحْيَى) القطَّان قال: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ) بن خالدٍ الأحمسيُّ البجليُّ الكوفيُّ (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد (قَيْسٌ) هو ابن أبي حازمٍ (قَالَ: قَالَ لِي جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ) البجليُّ ( ☺ : قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلعم : أَلَا) بفتح الهمزة وتخفيف اللَّام، ومعناها: العرض والتَّحضيض، وتختصُّ بالجملة الفعليَّة (تُرِيحُنِي) من الإراحة بالرَّاء والحاء المهملة (مِنْ ذِي الخَلَصَةِ؟) بالخاء المعجمة واللَّام والصَّاد المهملة المفتوحات (وَكَانَ بَيْتًا فِيهِ خَثْعَمُ) بفتح الخاء المعجمة وسكون المثلَّثة وفتح العين المهملة: قبيلةٌ من اليمن (يُسَمَّى كَعْبَةَ اليَمَانِيَةِ) بخفض التَّاء(1) لأبي ذَرٍّ، وبتخفيف الياء على المشهور لأنَّ الألف بدلٌ من إحدى ياءي النَّسب، وهو من إضافة الموصوف إلى الصِّفة، وقدَّر فيه البصريُّون حذفًا تقديره: كعبة الجهة اليمانية، وطلب ذلك ╕ لأنَّه كان فيه صنمٌ يعبدونه من دون الله، اسمه الخَلَصة. /
          قال جريرٌ: (فَانْطَلَقْتُ) أي: قبل وفاته ╕ بشهرين (فِي خَمْسِينَ وَمِئَةٍ مِنْ) رجال (أَحْمَسَ) بفتح الهمزة وسكون الحاء المهملة وبعد الميم المفتوحة سينٌ مهملةٌ قبيلة جريرٍ (وَكَانُوا أَصْحَابَ خَيْلٍ، فَأَخْبَرْتُ النَّبِيَّ صلعم أَنِّي لَا أَثْبُتُ عَلَى الخَيْلِ، فَضَرَبَ) ╕ (فِي صَدْرِي) بيده الشَّريفة، لأنَّ فيه القلب (حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ أَصَابِعِهِ فِي صَدْرِي، فَقَالَ: اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ) فلم يسقط بعد ذلك من(2) فرسٍ (وَاجْعَلْهُ هَادِيًا) إشارةٌ إلى قوَّة التَّكميل وإلى قوَّة الكمال بقوله: (مَهْدِيًّا) بفتح الميم، وهو من باب التَّقديم والتَّأخير لأنَّه لا يكون هاديًا لغيره إلَّا بعد أن يهتدي هو فيكون مهديًّا (فَانْطَلَقَ) جريرٌ (إِلَيْهَا) أي: إلى ذي الخَلَصة (فَكَسَرَهَا، وَحَرَّقَهَا) بتشديد الرَّاء (فَأَرْسَلَ إِلَى النَّبِيِّ صلعم ) حصين بن ربيعة، ويكنَّى أبا أرطأة الأحمسيَّ (يُبَشِّرُهُ) من الأحوال المقدَّرة، وهذا موضع التَّرجمة (فَقَالَ رَسُولُ جَرِيرٍ) حصينٌ: (يَا رَسُولَ اللهِ) ولأبي ذَرٍّ: ”لرسول الله: يا رسول الله(3)“ (وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ) إلى الخلق (مَا جِئْتُكَ حَتَّى تَرَكْتُهَا كَأَنَّهَا جَمَلٌ أَجْرَبُ) شبَّهها حين ذهب سقفها وكسوتها فصارت سوداء من الإحراق بالجمل الَّذي زال شعره ونقص جلده من الجرب، وصار إلى الهزال(4) (فَبَارَكَ) ╕ (عَلَى خَيْلِ أَحْمَسَ وَ) على (رِجَالِهَا) أي: دعا بالبركة لها (خَمْسَ مَرَّاتٍ. قَالَ)‼ ولأبي ذَرٍّ: ”وقال“ (مُسَدَّدٌ) هو ابن مسرهدٍ في روايته لهذا الحديث عن يحيى القطَّان بالإسناد المذكور آنفًا بدل قوله في(5) رواية محمَّد بن المثنَّى: «بيتًا(6) فيه خثعم»: (بَيْتٌ فِي خَثْعَمَ) وصوَّب هذه الرِّواية محقِّقو الحفَّاظ، ويؤيِّد ذلك ما رواه أحمد في «مسنده» عن يحيى(7) بلفظ: بيتًا لخثعم.
          وحديث الباب قد مرَّ في «باب حرق الدُّور والنَّخيل» من «كتاب الجهاد» [خ¦3020] قريبًا.


[1] في (د) و(م): «بتخفيف الياء»، وهو تكرارٌ.
[2] في (ب) و(س): «عن».
[3] «يا رسول الله»: ليس في (د).
[4] في (د): «الهلاك».
[5] «في»: ليس في (م).
[6] في (م): «بيت».
[7] في (د): «يحيى القطَّان».