إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: لا حمى إلا لله ولرسوله

          3012- 3013- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ) المدينيُّ قال: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) بن عيينة قال(1): (حَدَّثَنَا) ابن شهابٍ (الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ) بضمِّ العين، ابن عبد الله بن عتبة بن مسعودٍ، وفي «مسند الحُميديِّ»: عن سفيان عن الزُّهريِّ أخبرني عبيد الله (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ الصَّعْبِ) ضدُّ السَّهل (بْنِ جَثَّامَةَ) بفتح الجيم وتشديد المثلَّثة، اللَّيثيِّ ( ♥ قَالَ: مَرَّ بِيَ النَّبِيُّ صلعم بِالأَبْوَاءِ) بفتح الهمزة وإسكان الموحَّدة ممدودًا، من عمل الفُرْع من المدينة، بينه وبين الجحفة ممَّا يلي المدينة ثلاثةٌ وعشرون ميلًا، وسُمِّيت بذلك لتَـبَوُّءِ السُّيولِ بها(2) (أَوْ بِوَدَّانَ) بفتح الواو بعد الموحَّدة وتشديد المهملة، وبعد الألف نونٌ: قريةٌ جامعةٌ، بينها وبين الأبواء ثمانية أميالٍ، وهي أيضًا من عمل الفُرْع، والشَّكُّ من الرَّاوي (وَسُئِلَ) بواو الحال وضمِّ السِّين مبنيًّا للمفعول. قال في «الفتح»: ولم أقف على اسم السَّائل، ثمَّ وجدت في «صحيح ابن حبَّان» من طريق محمَّد بن عمرٍو عن الزُّهريِّ بسنده عن الصَّعب قال: سألت رسول الله صلعم عن أولاد المشركين أنقتلهم معهم؟ قال: «نعم» فظهر أنَّ الرَّاوي هو السَّائل، ولأبي ذَرٍّ: ”فسُئِل“ (عَنْ أَهْلِ الدَّارِ) الحربيِّين حال كونهم(3) (يُبَيَّتُونَ) بفتح المثنَّاة المشدَّدة بعد الموحَّدة مبنيًّا للمفعول، أي: يُغار عليهم ليلًا بحيث لا يُعرف رجلٌ من امرأةٍ (مِنَ المُشْرِكِينَ) بيانٌ لأهل الدَّار (فَيُصَابُ) بضمِّ المثنَّاة (مِنْ نِسَائِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ) بالذَّال المعجمة وتشديد المثنَّاة التَّحتيَّة (قَالَ) ╕ مجيبًا للسَّائل: (هُمْ) أي: النِّساء والذَّراريُّ (مِنْهُمْ) أي: من أهل الدَّار من المشركين، وليس المراد إباحة قتلهم بطريق القصد إليهم، بل إذا لم يوصل إلى قتل الرِّجال إلَّا بذلك قُتِلوا، وإلَّا فلا تُقصد الأطفال ولا(4) النِّساء بالقتل مع القدرة على ترك ذلك، جمعًا بين‼ الأحاديث المصرِّحة بالنَّهي عن قتل النِّساء والصِّبيان وما هنا. قال الصَّعب بن جثَّامة: (وَسَمِعْتُهُ) ╕ ، ولأبي ذَرٍّ: ”فسمعته“ بالفاء. قال الحافظ ابن حجرٍ: والأوَّل أوضح (يَقُولُ: لَا حِمَى إِلَّا للهِ وَلِرَسُولِهِ(5) صلعم ) ومن يقوم مقامه من خلفائه، وأصل الحمى عند العرب: أنَّ الرَّئيس منهم كان إذا نزل منزلًا مخصبًا استعوى كلبًا على مكانٍ عالٍ، فإلى حيث انتهى صوته حماه من كلِّ جانبٍ، فلا يرعى فيه غيره، ويرعى هو مع غيره فيما سواه، فأبطل الشَّرع ذلك، و«حِمَى» بغير تنوينٍ كما في «اليونينيَّة» وفي بعض النُّسخ: ”حِمًى“ بثبوته(6)، فتكون «لا» بمعنى: ليس، وعلى الأوَّل تكون للاستغراق بخلاف الثَّاني.
          وهذا الحديث مستقلٌّ، ذكره المؤلِّف فيما سبق في «كتاب الشُّرب» [خ¦2370] ووجه دخوله هنا كونه في(7) تحمُّل ذلك كذلك. (وَ) بالسَّند السَّابق(8) (عَنِ) ابن شهابٍ (الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ اللهِ) بن عبد الله بن عتبة بن مسعودٍ حال كونه يقول: (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ(9): حَدَّثَنَا الصَّعْبُ) بن جَثَّامة (فِي الذَّرَارِيِّ) فقط، قال سفيان: (كَانَ عَمْرٌو) أي: ابن دينارٍ (يُحَدِّثُنَا) هذا / الحديث (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) الزُّهريِّ مرسَلًا (عَنِ النَّبِيِّ صلعم ) أنَّه قال: «من آبائهم» وقد أخرج الإسماعيليُّ الحديث من طريق العبَّاس بن يزيد: حدَّثنا سفيان قال: كان عمرو يحدِّث _قبل أن يقدم المدينة(10) الزُّهريُّ_ عن الزُّهريِّ، عن عبيد الله عن ابن عبَّاسٍ، عن الصَّعب. قال سفيان: فقدم علينا الزُّهريُّ، فسمعته يعيده ويبديه... فذكر الحديث، فانتفى الإرسال. نعم، صورته صورة الإرسال، ولا(11) يندفع بإخراج الإسماعيليِّ له، قال سفيان: (فَسَمِعْنَاهُ) بعد ذلك (مِنَ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي) بالإفراد (عُبَيْدُ اللهِ) بن عبد الله (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) ☻ (عَنِ الصَّعْبِ) بن جثَّامة، عن النَّبيِّ صلعم أنَّه (قَالَ: هُمْ مِنْهُمْ، وَلَمْ يَقُلْ كَمَا قَالَ عَمْرٌو) هو ابن دينارٍ (هُمْ مِنْ آبَائِهِمْ).
          وأخرج الحديث مسلمٌ في «المغازي» وأبو داود وابن ماجه في «الجهاد» والتِّرمذيُّ والنَّسائيُّ في «السِّير».


[1] «قال»: ليس في (د).
[2] في (م): «فيها».
[3] «حال كونهم»: ليس في (د).
[4] «لا»: مثبتٌ من (م).
[5] في (د) و(س): «ورسوله» والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة».
[6] زيد في (م): «منوَّنةً».
[7] «في»: ليس في (ب) و(ص).
[8] «السَّابق»: ليس في (م)، وفي (ص): «قال».
[9] «عن ابن عبَّاسٍ»: ليس في (د) و(ص) و(م).
[10] قوله: «المدينة» زيادة توضيحية من الفتح.
[11] «لا»: ليس في (د) ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.