إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: ناد في الناس يأتون بفضل أزوادهم

          2982- وبه قال: (حَدَّثَنَا بِشْرُ ابْنُ مَرْحُومٍ) بكسر الموحَّدة وسكون الشِّين المعجمة، و«مَرْحوم»: بالحاء المهملة جدُّه، واسم أبيه: عُبَيس _بالعين والسِّين المهملتَين_ العطَّار البصريُّ مولى آل معاوية قال: (حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ) بالحاء المهملة وكسر المثنَّاة الفوقيَّة، أبو(1) إسماعيل الكوفيُّ (عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ) مولى سلمة بن الأكوع (عَنْ سَلَمَةَ) بن الأكوع ( ☺ قَالَ: خَفَّتْ) أي: قلَّتْ (أَزْوَادُ النَّاسِ وَأَمْلَقُوا) أي: افتقروا وفنيت أزوادهم، كذا قرَّره الزَّركشيُّ وابن حجرٍ والبرماويُّ والعينيُّ، وردَّه في «المصابيح»: بأنَّ قبله: «خفَّت أزواد النَّاس» ثمَّ الواقع أنَّها لم تفنَ بالكلِّيَّة، بدليل أنَّهم جمعوا فضل أزوادهم، فبرَّك ╕ عليها (فَأَتَوُا النَّبِيَّ صلعم ) فاستأذنوه (فِي نَحْرِ إِبِلِهِمْ، فَأَذِنَ لَهُمْ) ╕ في نحرها (فَلَقِيَهُمْ عُمَرُ) بن الخطَّاب ☺ (فَأَخْبَرُوهُ) بذلك (فَقَالَ: مَا بَقَاؤُكُمْ بَعْدَ) نحر (إِبِلِكُمْ؟ فَدَخَلَ عُمَرُ) ☺ (عَلَى النَّبِيِّ صلعم ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا بَقَاؤُهُمْ بَعْدَ) نحر (إِبِلِهِمْ؟) أي: بقاؤهم يسيرٌ لغلبة الهلاك على الرِّجال، وقول ابن حجرٍ والدَّمامينيِّ تبعًا للزَّركشيِّ: وهذا أخذه عمر ☺ من نهي النَّبيِّ صلعم عن أكل لحوم الحُمُر الأهليَّة يوم خيبر؛ استبقاءً لظهورها ليحمل عليها المسلمين، ويحمل(2) أزوادهم، تعقَّبه صاحب «اللَّامع» بأنَّ الرَّاجح تحريم الحمر لعينها (قَالَ) ولأبي ذَرٍّ: ”فقال“ (رَسُولُ اللهِ صلعم : نَادِ فِي النَّاسِ يَأْتُونَ بِفَضْلِ أَزْوَادِهِمْ) قال ابن حجرٍ: أي: هم يأتون ولذلك رفعه، وتعقَّبه العينيُّ فقال: كونه حالًا أوجه على ما لا يخفى (فَدَعَا) صلعم (وَبَرَّكَ) بتشديد الرَّاء، أي: دعا بالبركة (عَلَيْهِ) أي: على الطَّعام، ولأبي ذَرٍّ عن(3) المُستملي: ”عليهم “ على الأزواد (ثُمَّ دَعَاهُمْ بِأَوْعِيَتِهِمْ، فَاحْتَثَى النَّاسُ) بالحاء المهملة(4) والمثلَّثة، أي: أخذوا بالحَثَيَات لكثرته، أي: حفنوا بأيديهم من ذلك (حَتَّى فَرَغُوا) من حاجتهم (ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم : أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ) إشارة إلى أنَّ ظهور المعجزة يؤيِّد الرِّسالة. ومطابقته للتَّرجمة في قوله: «خفَّتْ أزواد‼ النَّاس».


[1] هكذا كني في كتب الرجال، وفي كل الأصول: «بن» وهو صواب بالنسبة لاسم أبيه، وقد سبق.
[2] في (م): «وليحمل».
[3] زيد في (د): «الحَمُّويي، و»، وليس بصحيحٍ.
[4] «المهملة»: ليس في (م).