إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: إن هذا اخترط علي سيفي وأنا نائم فاستيقظت

          2910- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ) الحكم بن نافع قال: (أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ) هو ابن أبي حمزة (عَنِ الزُّهْرِيِّ) محمَّد بن مسلمٍ ابن شهابٍ أنَّه(1) (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد (سِنَانُ بْنُ أَبِي سِنَانٍ) يزيد بن أميَّة (الدُّؤَلِيُّ) بضمِّ الدَّال وفتح الهمزة، نسبةً إلى الدُّؤَل من كنانة (وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) بن عوفٍ (أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ) الأنصاريَّ ( ☻ أَخْبَرَ) ولأبي ذَرٍّ: ”أخبره“ أي: أنَّ كلًّا من سنانٍ وأبي سلمة قال: إنَّ جابرًا أخبره (أَنَّهُ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلعم قِبَلَ نَجْدٍ) بكسر القاف وفتح الموحَّدة، أي: ناحية نجدٍ في(2) غزوته إلى غطفان، وهي غزوة ذي أَمَر _بفتح الهمزة والميم_ موضعٌ من ديار غطفان، وكانت على رأس خمسٍ وعشرين شهرًا من الهجرة (فَلَمَّا قَفَلَ) أي: رجع (رَسُولُ اللهِ صلعم قَفَلَ) أي: رجع (مَعَهُ، فَأَدْرَكَتْهُمُ القَائِلَةُ) أي: الظَّهيرة (فِي وَادٍ كَثِيرِ العِضَاهِ) بكسر العين وفتح الضَّاد المعجمة وبعد الألف هاءٌ مكسورةٌ: شجرُ أمِّ غيلان وكلُّ شجرٍ عظيمٍ له شوكٌ (فَنَزَلَ رَسُولُ اللهِ صلعم ، وَتَفَرَّقَ النَّاسُ يَسْتَظِلُّونَ بِالشَّجَرِ) من حرِّ الشَّمس (فَنَزَلَ رَسُولُ اللهِ صلعم تَحْتَ سَمُرَةٍ) بفتح السِّين وضمِّ الميم(3): شجرة طلحٍ، ولأبي ذَرٍّ عن الكُشْمِيهَنِيِّ: ”تحت شجرةٍ“ (وَعَلَّقَ بِهَا سَيْفَهُ، وَنِمْنَا نَوْمَةً، فَإِذَا رَسُولُ اللهِ صلعم يَدْعُونَا، وَإِذَا عِنْدَهُ أَعْرَابِيٌّ) اسمه: غُورَث، بضمِّ الغين المعجمة وسكون الواو وفتح الرَّاء، آخره مثلَّثةٌ (فَقَالَ) ╕ : (إِنَّ هَذَا) أي: الأعرابيَّ (اخْتَرَطَ) أي: سلَّ (عَلَيَّ سَيْفِي) من غمده (وَأَنَا نَائِمٌ، فَاسْتَيْقَظْتُ وَهْوَ فِي يَدِهِ) حال كونه (صَلْتًا) بفتح الصَّاد(4) المهملة وسكون اللَّام، أي: مصلتًا مجرَّدًا عن(5) غمده (فَقَالَ) أي: الأعرابيُّ: (مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟) بضمِّ العين، و«مَنْ» استفهامٌ يتضمَّن النَّفي، كأنَّه قال: لا مانع لك منِّي، وزاد أبو ذرٍّ: ”من يمنعك مني“‼ مرَّةً أخرى، بل كتب بالفرع وأصله بإزاء هذه الزِّيادة ثلاثة بالقلم الهنديِّ، ومفهومه تكريرها ثلاثًا قال رسول الله صلعم (فَقُلْتُ: اللهُ) أي: يمنعني منك (ثَلَاثًا) أي: قال له ذلك ثلاث مرَّاتٍ. وعند ابن أبي شيبة من حديث أبي سلمة عن أبي هريرة: قال: يا محمَّد من يعصمك مني؟ فأنزل الله تعالى: {وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}[المائدة:67] وهذا من أعظم الخوارق للعادة، فإنَّه عدوٌّ متمكِّنٌ، بيده سيف مشهورٌ، فلم يحصل للنَّبيِّ صلعم روعٌ ولا جزعٌ (وَلَمْ يُعَاقِبْهُ) ولم يعاقب النَّبيُّ صلعم الأعرابيَّ المذكور (وَجَلَسَ) حالٌ من(6) المفعول، وعند ابن إسحاق: أنَّ الكفَّار قالوا لدعثور وكان شجاعًا: قد انفرد محمَّدٌ فعليك به، فأقبل ومعه صارمٌ، حتَّى قام على رأسه، فقال له: من يمنعك منِّي؟ فقال صلعم : «الله(7)» فدفع جبريل ◙ في صدره، فوقع السَّيف(8) من يده، فأخذه النَّبيُّ صلعم وقال: «من يمنعك أنت(9) منِّي اليوم»؟ قال: لا أحد، فقال: «قم فاذهب لشأنك» فلمَّا ولَّى(10) قال: كنت خيرًا منِّي، فقال النَّبيُّ صلعم : «أنا أحقُّ بذلك» ثمَّ أسلم بَعْدُ، وفي لفظ قال: وأنا أشهد ألَّا إله إلَّا الله وأنَّك رسول الله، ثمَّ أتى قومه فدعاهم إلى الإسلام، وقال الذَّهبيُّ: في الصَّحابة غُوْرَث بن الحارث، ويقال: دعثور أسلم _قاله البخاريُّ_ من حديث جابرٍ، وتعقَّبه الجلال البلقينيُّ فقال: ما نسبه من إسلامه إلى البخاريِّ لم أقف عليه، فإنَّ البخاريَّ أعاد هذا الحديث في الغزوات بعد «غزوة ذات الرقاع» [خ¦4135] ثمَّ في «غزوة بني المصطلق» [خ¦4139] وهي المريسيع، ولم يذكر إسلامه، فليُحرَّر.
          وحديث الباب أخرجه أيضًا في «المغازي» [خ¦4134] و«الجهاد» [خ¦2913]، ومسلمٌ في «فضائل النَّبيِّ صلعم »، والنَّسائيُّ في «السِّير»، زاد في نسخةٍ هنا عن الفرع وأصله: ”وروى موسى بن إسماعيل، عن إبراهيم بن سعدٍ، عن الزُّهريِّ: فشامَ السَّيفَ، فها هو ذا جالسٌ، ثمَّ لم يعاقبه“(11).


[1] زيد في (ب) و(د1) و(ص): «قال».
[2] في (ب): «إلى»، وليس في (ص).
[3] «وضمِّ الميم»: ليس في (د1) و(ص).
[4] «الصَّاد»: ليس في (د).
[5] في (د): «من».
[6] في (م) و(د) و(د1): «عن».
[7] اسم الجلالة: ليس في (ص).
[8] «السَّيف»: ليس في (س).
[9] «أنت»: ليس في (د).
[10] «فلمَّا ولَّى»: ليس في (د).
[11] قوله: «زاد في نسخة... يعاقبه» مثبتٌ من (ص).