إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: من أحب أن يتعجل إلى أهله فليعجل

          2861- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ) هو ابن إبراهيم الفراهيديُّ _بالفاء_ قال: (حَدَّثَنَا أَبُو عَقِيلٍ) بفتح العين وكسر القاف، بشير بن عقبة الدَّورقيُّ البصريُّ قال: (حَدَّثَنَا أَبُو المُتَوَكِّلِ) عليُّ بن داود (النَّاجِيُّ) بالنُّون والجيم، نسبةً إلى بني ناجية بن سامة قبيلة كبيرة منهم (قَالَ: أَتَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيَّ) ☺ (فَقُلْتُ لَهُ: حَدِّثْنِي بِمَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلعم ، قَالَ: سَافَرْتُ مَعَهُ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ _قَالَ أَبُو عَقِيلٍ) بشيرٌ المذكور: (لَا أَدْرِي) قال أبو المتوكِّل: (غَزْوَةً أَوْ عُمْرَةً؟_) ولأبي ذَرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: ”(1)أم عُمْرة“ بالميم بدل الواو، وقال داود بن قيسٍ، يعني: الفرَّاء الدَّبَّاغ فيما علَّقه المؤلِّف في «الشُّروط» [خ¦2718] عن عبيد الله بن مِقْسمٍ، عن جابرٍ: اشتراه بطريق تبوك، فبيَّن الغزوة جازمًا بها، ووافقه على ذلك عليُّ بن زيد بن جدعان عن أبي المتوكِّل، لكن جزم ابن إسحاق: بأنَّه كان في غزوة ذات الرِّقاع، ورُجِّحَ: بأنَّ أهل المغازي أضبطُ (فَلَمَّا أَنْ أَقْبَلْنَا) بزيادة «أَنْ» (قَالَ النَّبِيُّ صلعم : مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَعَجَّلَ إِلَى أَهْلِهِ فَلْيُعَجِّلْ) بسكون اللَّام وضمِّ التَّحتيَّة، بعدها عينٌ مهملةٌ(2) وتشديد الجيم المكسورة، ولأبي ذَرٍّ عن الكُشْمِيهَنِيِّ: ”فليتعجَّل“ بمثنَّاةٍ فوقيَّةٍ بعد التَّحتيَّة من باب التَّفَعُّل (قَالَ جَابِرٌ: فَأَقْبَلْنَا وَأَنَا عَلَى جَمَلٍ لِي أَرْمَكَ) بهمزةٍ مفتوحةٍ فراءٍ ساكنةٍ فميمٍ مفتوحةٍ فكافٍ؛ يخالط حمرتَه سوادٌ (لَيْسَ فِيهِ) أي: في الجمل، ولأبي ذَرٍّ: ”فيها“ أي: في الرَّاحلة لأنَّ الجمل راحلة(3) (شِيَةٌ) بكسر الشِّين المعجمة وفتح التَّحتيَّة المخفَّفة، علامةٌ، أي: ليس فيه(4) لمعةٌ من غير لونه، أو لا عيب فيه (وَالنَّاسُ خَلْفِي) جملةٌ حاليَّةٌ من قوله: «وأنا على جملٍ لي» أي: أنَّ جمله كان يسبق جمال غيره (فَبَيْنَا) بغير ميمٍ (أَنَا كَذَلِكَ إِذْ قَامَ عَلَيَّ) أي: وقف جملي من الإعياء والكلال، كقوله تعالى: {وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواْ}[البقرة:20] أي: وقفوا (فَقَالَ لِي(5) النَّبِيُّ صلعم : يَا جَابِرُ، اسْتَمْسِكْ، فَضَرَبَهُ بِسَوْطِهِ ضَرْبَةً، فَوَثَبَ البَعِيرُ مَكَانَهُ) ولأحمد: قلت: يا رسول الله، أبطأ جملي هذا، قال: «أنخْه» وأناخ رسول الله صلعم ، ثمَّ قال: «أعطني هذه العصا» ففعلت، فأخذها فنخسه بها نخساتٍ، ثمَّ قال: «اركب»، فركبت (فَقَالَ: أَتَبِيعُ الجَمَلَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ) وفي «باب إذا اشترط البائع ظهر الدَّابة» من «كتاب الشُّروط» [خ¦2718] من طريق عامر الشَّعبيِّ عن جابرٍ‼، قلت: لا. ثمَّ قال: بعنيه بوقيَّةٍ فبعته، وفي رواية داود بن قيسٍ: أحسبه بأربع أواقٍ فاستثنيت حملانه(6) إلى أهلي (فَلَمَّا قَدِمْنَا المَدِينَةَ وَدَخَلَ النَّبِيُّ(7) صلعم المَسْجِدَ فِي طَوَائِفِ أَصْحَابِهِ، فَدَخَلْتُ إِلَيْهِ) ولأبي ذَرٍّ عن الكُشْمِيهَنِيِّ: ”عليه(8)“ (وَعَقَلْتُ الجَمَلَ) بالعقال(9) (فِي نَاحِيَةِ البَلَاطِ) بفتح الموحَّدة: الحجارة المفروشة عند باب: المسجد (فَقُلْتُ لَهُ) ╕ : (هَذَا جَمَلُكَ) الَّذي ابتعتَه منِّي (فَخَرَجَ) من المسجد (فَجَعَلَ يُطِيفُ بِالجَمَلِ، وَيَقُولُ: الجَمَلُ جَمَلُنَا، فَبَعَثَ النَّبِيُّ صلعم أَوَاقٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ: أَعْطُوهَا جَابِرًا) بقطع همزة «أَعطوها» مفتوحةً (ثُمَّ قَالَ: اسْتَوْفَيْتَ الثَّمَنَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: الثَّمَنُ وَالجَمَلُ لَكَ) هبةً. قال السُّهيليُّ ما محصِّله: إنَّه صلعم لمَّا(10) أخبر جابرًا بعد قتل أبيه بأُحدٍ أنَّ الله أحياه وقال: «ما تشتهي فأزيدك» أكَّد صلعم الخبر بما يشبهه، فاشترى منه الجمل وهو مطيَّته بثمنٍ معلومٍ، ثمَّ وفَّر عليه الثَّمن والجمل، وزاده على الثَّمن، كما اشترى الله(11) من المؤمنين أنفسهم بثمنٍ هو الجنَّة، ثمَّ ردَّ عليهم أنفسهم وزادهم، كما قال تعالى: {لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ}[يونس:26] فتشاكل الفعل / مع الخبر.
          وهذا الحديث قد سبق مختصرًا في «المظالم» [خ¦2470]، وشرحه في «الشُّروط» [خ¦2718].


[1] زيد في (م): «عن».
[2] «مهملة»: مثبتٌ من (ب) و(د) و(س).
[3] «لأنَّ الجمل راحلةٌ»: سقط من (د1) و(ص)، وقوله: «أي في الراحلة... راحة»: سقط من (م).
[4] في (د): «فيها».
[5] «لي»: سقط من (د1) و(م).
[6] في (د): «حملاني».
[7] في (د): «رسول الله».
[8] في (م): «إليه».
[9] في غير (ب) و(د) و(س): «بالقاف».
[10] «لمَّا»: ليس في (ص).
[11] اسم الجلالة: مثبتٌ من (ب) و(س).