إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أتى أنس ثابت بن قيس وقد حسر عن فخذيه وهو يتحنط

          2845- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ) أبو محمَّدٍ الحجبيُّ البصريُّ قال: (حَدَّثَنَا خَالِدٌ) بن الحارث الهُجَيميُّ _بضمِّ الهاء وفتح الجيم_ قال: (حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ) عبد الله(1) (عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ) أي: ابن مالكٍ أنَّه (قَالَ: وَذَكَرَ) بواو الحال، ولأبي ذَرٍّ عن الحَمُّويي: ”ذكر“ بإسقاطها (يَوْمَ) وقعة (اليَمَامَةِ) / الَّتي كانت بين المسلمين وبين بني حَنيفة أصحاب مسيلمة في ربيعٍ الأوَّل سنة اثنتي عشرة(2) في خلافة أبي بكرٍ، و«اليَمامة»: بتخفيف الميم، مدينة من اليمن على مرحلتَين من الطَّائف، سُمِّيت بامرأةٍ زرقاءَ كانت تبصر الرَّاكب من مسيرة ثلاثة أيام (قَالَ: أَتَى) أبي(3) (أَنَسٌ) بالرَّفع على الفاعليَّة (ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ) هو ابن شَمَّاسٍ _بفتح الشِّين المعجمة وتشديد الميم، آخره سينٌ مهملةٌ_ الخزرجيَّ خطيبَ الأنصار (وَقَدْ حَسَرَ) بمهملتَين مفتوحتَين، أي: كشف (عَنْ فَخِذَيْهِ) بالذَّال المعجمة، واستُدِلَّ به على أنَّ الفخذ ليس بعورةٍ (وَهْوَ يَتَحَنَّطُ) يستعمل الحنوط في بدنه، والواو للحال (فَقَالَ) أي: أنسٌ لثابتٍ: (يَا عَمِّ) دعاه بذلك؛ لأنَّه كان أسنَّ منه ولأنَّه من قبيلته(4) الخزرج (مَا يَحْبِسُكَ)؟ أي: ما يؤخِّرك (ألَّا تَجِيءَ؟) بتشديد اللَّام، و«تجيءَ» بالنَّصب (قَالَ: الآنَ يَا ابْنَ أَخِي) أجيءُ (وَجَعَلَ يَتَحَنَّطُ، يَعْنِي: مِنَ الحَنُوطِ) بفتح الحاء (ثُمَّ جَاءَ) زاد الطَّبرانيُّ: وقد تحنَّط ونشر أكفانه (فَجَلَسَ فَذَكَرَ) أنسٌ (فِي الحَدِيثِ انْكِشَافًا) أي: نوع انهزامٍ (مِنَ النَّاسِ) وعند ابن أبي زائدةَ عن ابن عونٍ عند الطَّبرانيِّ: فجاء حتَّى جلس في الصَّفِّ والنَّاس ينكشفون(5) (فَقَالَ: هَكَذَا عَنْ وُجُوهِنَا) أي: افسحوا لنا (حَتَّى نُضَارِبَ القَوْمَ) ولأبي ذَرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: ”بالقوم“ بزيادة حرف الجرِّ (مَا هَكَذَا كُنَّا نَفْعَلُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلعم ) بل كان الصَّفُّ لا ينحرف عن موضعه (بِئْسَ مَا عَوَّدْتُمْ أَقْرَانَكُمْ) من الفرار من عدوِّكم حتَّى طمعوا فيكم. وزاد ابن أبي زائدة: فتقدَّم(6) فقاتل‼ حتَّى قتل. و«أقرانَكم»: بالنَّصب على المفعوليَّة؛ جمع قرنٍ بكسر القاف، وهو الَّذي يعادل الآخر في الشِّدَّة، ولأبي ذَرٍّ عن الحَمُّويي والكُشْمِيهَنِيِّ: ”بئسما(7) عوَّدَكُم أقرانُكم“ بالرَّفع فاعل «عوَّدكم».
          (رَوَاهُ) أي: الحديث (حَمَّادٌ) هو ابن سلمةَ (عَنْ ثَابِتٍ) هو البُنانيُّ (عَنْ أَنَسٍ) هو ابن مالكٍ، ولفظه فيما رواه الطَّبرانيُّ: أن ثابت بن قيس بن شَمَّاسٍ جاء يوم اليمامة وقد تحنَّط ولبس ثوبَين أبيضَين، تكفَّن فيهما، وقد انهزم القوم، فقال: اللَّهم إنِّي أبرأ إليك ممَّا جاء به هؤلاء، وأعتذر إليك ممَّا صنع هؤلاء، ثمَّ قال: بئسما عوّدتم أقرانكم، منذ اليوم خلُّوا بيننا وبينهم ساعةً، فحمل فقاتل حتَّى قُتل، وكانت درعه قد سُرِقَت، فرآه رجلٌ فيما يرى النَّائم، فقال: إنَّها في قِدْرٍ تحت إكافٍ بمكان كذا وكذا، فأوصاه بوصايا، فوجدوا الدِّرع وأنفذوا وصاياه، وعند الحاكم: أنَّه أوصى بعتق بعض رقيقه.


[1] زيد في (د): «بن موسى» وليس بصحيحٍ.
[2] في (ص) و(م): «اثني عشر» وليس بصحيحٍ.
[3] «أبي»: ليس في (د).
[4] في (م): «قبيلة».
[5] في (ص): «يتكشَّفون».
[6] «فتقدَّم»: ليس في (ص).
[7] «بئسما»: سقط من (د1) و(ص) و(م).