إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: من أنفق زوجين في سبيل الله دعاه خزنة الجنة

          2841- وبه قال: (حَدَّثَنَا) ولأبي ذَرٍّ: ”حدَّثني“ بالإفراد (سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ) أبو محمَّدٍ الطَّلحيُّ الكوفيُّ قال: (حَدَّثَنَا شَيْبَانُ) بفتح الشِّين المعجمة وسكون التَّحتيَّة وفتح الموحَّدة، ابن عبد الرَّحمن أبو معاوية النَّحويُّ (عَنْ يَحْيَى) بن أبي كثيرٍ (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ) بن عبد الرَّحمن (أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ ☺ عَنِ النَّبِيِّ صلعم ) أنَّه (قَالَ: مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ) أي: صنفَين مقترنَين، شكلَين كانا أو نقيضَين، وكلُّ واحدٍ منهما زوجٌ، ومراده أن يُشفِع المنفق ما ينفقه من دينارٍ أو درهمٍ أو سلاحٍ أو غيره. وقال الدَّاوديُّ: ويقع الزَّوج على الواحد والاثنين، وهو هنا على الواحد جزمًا. وفي رواية إسماعيل القاضي: «من أنفق زوجَين من ماله» (فِي سَبِيلِ اللهِ) عامٌّ في جميع أنواع الخير، أو(1) خاصٌّ بالجهاد (دَعَاهُ خَزَنَةُ الجَنَّةِ، كُلُّ خَزَنَةِ بَابٍ) أي: خزنة كلِّ بابٍ، فهو من المقلوب (أَيْ فُلُْ) بضمِّ اللَّام وإسكانِها، وليس ترخيمًا له(2)، لأنَّه لا يقال إلَّا بسكون اللَّام ولو كان ترخيمًا لفتحوها أو ضمُّوها. قال سيبويه: ليست(3) ترخيمًا وإنَّما هي صيغةٌ ارتُجِلَت في باب النِّداء، وقد جاء في غير النِّداء:
في لجَّةٍ أمسك فلانًا عن فُلِ
          فكسر اللَّام للقافية. وقال الأزهريُّ: ليس بترخيم فلان، ولكنَّها كلمةٌ على حدةٍ، فبنو أسدٍ يوقعونها على الواحد والاثنين والجمع والمؤنث بلفظ واحدٍ، وغيرهم يثنِّي ويجمع ويؤنِّث فيقول: يا فُلَان، ويا فُلُون، ويا فُلَة، ويا فُلَتان، ويا فُلات، وفلان وفلانة: كنايةٌ عن الذَّكر والأنثى من النَّاس، فإن كنَّيت بهما عن غير‼ النَّاس؛ قلت: الفلان والفلانة. وقال قومٌ: إنَّه ترخيم: فلان، فحذف النُّون للتَّرخيم والألف لسكونها، وتُفتَح اللَّام وتُضَمُّ على مذهبَي التَّرخيم، قاله ابن الأثير، أي: فلانٌ (هَلُمَّ) بفتح الهاء وضمِّ اللَّام وتشديد الميم، أي: تعال (قَالَ أَبُو بَكْرٍ) الصِّديق ☺ : (يَا رَسُولَ اللهِ، ذَاكَ الَّذِي) يدعوه خزنة كلِّ باب: (لَا تَوَى عَلَيْهِ) بفتح المثنَّاة الفوقيَّة والواو مقصورًا، أي: لا بأس عليه أن يدخل بابًا ويترك آخر (فَقَالَ النَّبِيُّ صلعم : إِنِّي لأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ) أي: ممَّن يُدعَى من تلك الأبواب كلِّها.
          وهذا الحديث قد سبق في «الصِّيام» [خ¦1897] وأخرجه(4) أيضًا في «فضل أبي بكر» [خ¦3666]، ومسلمٌ في «الزَّكاة».


[1] في (ص): «و».
[2] «له»: ليس في (س).
[3] في (ب) و(س): «ليس».
[4] زيد في (د): «أبو بكر»، ولا يصحُّ.