إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: لغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها

          2792- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ) العمِّيُّ البصريُّ قال: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ) بضمِّ الواو مصغَّرًا، ابن خالدٍ البصريُّ قال: (حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ) هو الطَّويل (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ☺ عَنِ النَّبِيِّ صلعم ) / أنَّه (قَالَ: لَغَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ) مبتدأٌ تخصَّص بالصِّفة، وهي قوله: «في سبيل الله»، والتَّقدير: لغدوةٌ كائنةٌ في سبيل الله، واللَّام في «لغدوةٌ» للتَّأكيد. وقال ابن حجر: للقسَمَ، ولأبي ذَرٍّ عن الكُشْمِيهَنِيِّ: ”الغدوة في سبيل الله“ (أَوْ رَوْحَةٌ) عطفٌ عليه و«أو» للتَّقسيم، أي: لخرجةٌ واحدةٌ في الجهاد من أوَّل النَّهار أو آخره (خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا) أي: ثواب ذلك الزَّمن القليل في الجنَّة خيرٌ من الدُّنيا وما اشتملت عليه، وكذا قوله: «لَقَابُ قوس أحدكم» [خ¦2793] أي: ما صغر في الجنَّة(1) من المواضع كلِّها بساتينها وأرضها، فأخبر أنَّ قصير الزَّمان وصغير المكان في الجنَّة خيرٌ من طويل الزَّمان وكبير(2) المكان في الدُّنيا تزهيدًا وتصغيرًا لها وترغيبًا في الجهاد، فينبغي أن يغتبط صاحب الغدوة والرَّوحة بغدوته وروحته أكثر ممَّا يغتبط أن لو حصلت له الدُّنيا بحذافيرها نعيمًا محضًا غير محاسب عليه مع أنَّ هذا لا يُتَصَّور.
          وهذا الحديث من هذا الوجه من أفراد البخاريِّ.


[1] «في الجنَّة»: سقط من (ص).
[2] في (د): «وكثير».