مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب: هل للإمام أن يمنع المجرمين وأهل المعصية من الكلام معه

          ░53▒ باب هل للإمام أن يمنع المجرمين(1) وأهل المعصية من الكلام معه؟
          فيه حديث عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك عن(2) عبد الله بن كعب بن مالك كان قائد كعب من بنيه حين عمي قال: سمعت كعب بن مالك.. الحديث.
          عبد الرحمن هذا أخرج له (خ) (م) (د) (ن)، ووالده عبد الله أخرج له هؤلاء، و(ق) مات سنة سبع وتسعين، وكعب أخرجوا له، عقبي، إحدى الشعراء، مات سنة خمسين.
          وأصل الهجران في كتاب الله تعالى وهو أمر الله تعالى عباده بهجران نسائهم في المضاجع، فإذا كان الهجران من المعاقبة بنص القرآن فلذلك استعمله الشارع في عقوبة كعب حين تخلف عن الغزو مع رسول الله، وترك ما فرض الله عليه من الجهاد مع نبيه ونصرته وبذل نفسه دونهم، وقال سحنون: إذا سجن الرجل في دين امرأته، فليس له أن يدخل امرأته في السجن؛ لأنه إنما أدخل فيه تأديباً له وتضييقاً عليه فإذا لم يمنع من لذته ولم يضيق عليه فلا فائدة في حبسه.
          قال والدي ⌂:
          (باب الاستخلاف).
          قوله: (يحيى بن يحيى) التميمي النيسابوري، و(وارأساه) هو قول المتفجع على الرأس من الصداع ونحوه، و(ذاك) أي: موتك والسياق يدل عليه، و(واثكلاه) أي: وافقدان المرأة ولدها وهو كلام كان يجري على لسانهم عند إصابة مصيبة أو خوف مكروه، ونحو ذلك وفي بعضها: واثكلياه بزيادة التحتانية وكسر اللام وفي بعضها واثكلياه بلفظ الصفة وفتح اللام، و(ظللت) بالكسر، و(معرساً) من أعرس بأهله إذا بنى بها، و(بل أنا وارأساه) أي: أضرب أنا عن حكاية وجع رأسك وأشتغل بوجع رأسي إذ لا بأس بك وأنت تعيشين بعدي عرفه بالوحي.
          قوله: (أعهد) أي: أوصى بالخلافة.
          فإن قلت: ما فائدة ذكر الابن إذ لم يكن له دخل في الخلافة؟ قلت: المقام مقام استمالة قلب عائشة يعني: كما أن الأمر مفوض إلى والدك، كذلك الائتمار في ذلك بحضور أخيك فأقاربك هم أهل أمري وأهل مشورتي، أو لما أراد تفويض الأمر إليه بحضورها أراد إحضار بعض محارمه حتى لو احتاج إلى رسالة إلى أحد أو قضاء حاجة لتصدى لذلك وفي بعضها أو آتية من الإتيان قال في ((المطالع)): قيل إنه هو الصواب.
          قوله: (أن يقول) أي: كراهة أن يقول قائل الخلافة لي أو لفلان أو مخافة أن يتمنى أحد ذلك أي: أعينه قطعاً للنزاع والإطماع / ، ثم قلت: يأبى الله لغير أبي بكر ويدفع المؤمنون غيره أو بالعكس شك الراوي.
          وفيه علم من أعلام النبوة، وفيه فوائد تقدمت في كتاب المرضى.
          قوله: (فقد ترك) أي: التصريح بالشخص المعين وعقد الأمر له وإلا فقد نصب الأدلة على خلافة الصديق، و(راغب وراهب) يحتمل معنيين أي: راغب في الثناء في حسن رأي وراهب من إظهار ما بنفسه من الكراهة أو إني راغب في الخلافة راهب منها، فإن وليت الراغب خشيت أن لا يعان عليها وإن وليت الراهب خشيت أن لا يقوم بها، ولهذا توسط حالة بين الحالتين حيث جعلها لأحد من الطائفة الستة، ولم يجعلها لواحد معين منهم ويحتمل أن يراد أني راغب فيما عند الله راهب من عذابه ولا أعول على نياتكم.
          وفيه دليل على أن الخلافة تحصل بنص الإمام السابق.
          و(كفافا) أي: تكف عني وأكف عنها أي: رأساً برأس لا لي ولا علي، قال الشاعر:
على أنني راض بأن أحمل الهوى                     وأخلص منه لا علي ولا ليا
          قوله: (حيا وميتا) أي: لا أجمع في تحملها بينهما فلا أعين شخصاً بعينه.
          قوله: (الآخرة) وأما الخطبة الأولى فهي التي خطب بها يوم الوفاة وقال فيها أن محمداً لم يمت وأنه سيرجع وهي كالاعتذار من الأولى، و(يدبرنا) بضم الموحدة أي: يموت بعدنا ويخلفنا يقال: دبرني فلان خلفني، و(هدي محمد) أي: جملة فعله.
          و(النور) القرآن، و(السقيفة) بفتح المهملة، الساباط والطاق كانت مكان اجتماعهم للحكومات.
          قوله: (محمد بن جبير) مصغر ضد الكسر ابن مطعم بفاعل الإطعام، و(أريت) أي: أخبرني قال بعضهم هذا من أبين الدلائل على خلافته.
          قوله: (قيس بن مسلم) بكسر اللام الخفيفة، و(طارق) بكسر الراء البجلي، و(بزاخة) بضم الموحدة وتخفيف الزاي وبالمعجمة موضع بالبحرين أو ماء لبني أسد وغطفان كان فيها حرب في أيام الصديق ☺.
          وذكر (خ) مختصراً من قصتها وهي أن وفدها جاؤا إلى أبي بكر ☺ بعدها يسألونه الصلح فخيرهم بين الحرب المجلية والسلم المخزية فقالوا: عرفنا المجلية فما المخزية؟ قال: ننزع منكم الحلقة والكراع ونغنم ما أصبنا منكم وتردون ما أصبتم منا وتتركون أقواماً يتبعون أذناب الإبل، حتى يري الله خليفة رسوله والمهاجرين أمراً يعذرونكم به.
          قوله: (جابر بن سمرة) بفتح المهملة وضم الميم، قال بعض العلماء: أراد صلعم أن يخبر بأعاجيب تكون بعده من الفتن حتى يفترق الناس في وقت واحد على اثني عشر أميراً، ولو أراد غير هذا لقال: يكون اثنا عشر أميراً يفعلون كذا فلما أعراهم عن الخبر علمنا أنه أراد بهم يكونون في زمن واحد ويحتمل أن يكون المراد يكون من الأمراء اثنا عشر مستحقين للإمارة بحيث يعز الإسلام بهم والله أعلم به.
          قوله: (أبي) يعني سمرة والوالد والولد كلاهما صحابيان، و(أنه) أي: رسول الله صلعم.
          قوله: (الريبة) وهي التهمة والمعصية، و(بعد المعرفة) أي: بعد شهرتهم بذلك يعني: لا تتجسسوا عليهم وذلك الإخراج لأجل تأذي الجيران ولأجل مجاهرتهم بالمعاصي ونهى عمر أخت أبي بكر عن النياحة فلم تنته فأبعدها عن نفسه وقيل: إنه أبعدها عن البيت ثم بعد ذلك رجعت مر في كتاب الخصومات.
          قوله: (فيحطب) وفي بعضها يحتطب وفي بعضها: يحطب من التحطيب أي: يجمع الحطب (ثم أخالف إلى رجال) أي: آتيهم أي: أخالف المشتغلين بالصلاة قاصداً إلى بيوت الذين لم يخرجوا عنها إلى الصلاة وأحرقها عليهم، و(الفرق) بفتح المهملة وسكون الراء العظم الذي أخذ عنه اللحم، و(المرماة) بكسر الميم ما بين ظلفي الشاة من اللحم وقيل: هي الظلف وقيل: هي سهم يتعلم عليه الرمي وهو أرذل السهام / أي لو علم أنه لو حضر صلاة العشاء لوجد نفعاً دنيويًّا وإن كان خسيساً حقيراً لحضرها لقصور همته ولا يحضرها لما لها من المثوبات.
          فإن قلت: فيه أن الجماعة فرض عين؟ قلت: هؤلاء كانوا منافقين؛ لأن المؤمنين لا يؤثرون مرماه على الجماعة معه صلعم أو كان ذلك لاستهانتهم وعدم مبالاتهم بها أو المراد بها الجمعة مر الحديث في صلاة الجماعة.
          قوله: (المجرمين) وفي بعضها: المحبوسين، وحديثه هو الذي تقدم بطوله في غزوة تبوك، و(آذن) أي: أعلم بتوبة الله علينا قال تعالى: {وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ} الآية [التوبة:118].
          الزركشي:
          (حتى يدبُرنا) بفتح أوله وضم ثالثه؛ بعد موتنا ويبقى خلفنا، يقال: فلان يدبر فلاناً ويخلفه إذا جاء خلفه، وكانت شبهة عمر في ذلك ظاهر قوله تعالى: {وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة:143].
          عن أبي بكر قال لوفد بزاخة هذا طرف من الحديث، وتمامه أنهم ارتدوا ثم تابوا فأوفدوا رسلهم إليه يعتذرون، إلى آخر القصة كما ذكرها والدي ⌂ آنفاً.
          قوله في القصة: (تتبعون أذناب الإبل) كأنه يشير إلى نفيهم.
          و(بزاخة): موضع كانت به للمسلمين وقعة في خلافة الصديق.
          وحديث المرماتين سلف في الصلاة، انتهى كلام الزركشي.
          أقول:
          قال ياقوت الحموي: بزاخة بالضم والخاء معجمة، قال الأصمعي: بزاخة ماء لظى بأرض نجد، وقال أبو عمرو لبني أسد فيه كانت وقعة المسلمين مع طليحة في الردة وحكى العكبري فيه برزخة.
          قوله: (مرماتين) قال أبو عبد الله: مرماة ما بين ظلف الشاة من اللحم مثل منساة وميضاة والميم مخفوضة.
          قوله: (أخرج عمر أخت أبي بكر)، هي أم فروة التي زوجها أبو بكر بالأشعث بن قيس فولدت محمداً وغيره، لها صحبة.


[1] في هامش المخطوط: في (خ): المحبوسين.
[2] في المخطوط: ((بن)) ولعل الصواب ما أثبتناه.