مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب الإمام يأتي قوما فيصلح بينهم

          ░36▒ باب الإمام يأتي قوماً فيصلح بينهم
          فيه حديث سهل بن سعد الساعدي قال: كان قتال بين بني عمرو، فبلغ ذلك النبي صلعم الحديث سلف في الصلاة وتقدم الباب أيضاً في الصلح.
          فإن قلت: قد جاء هنا أنه ◙ سبق الناس وهم في الصلاة، وجاء عنه أنه ◙ نهى عن التخطي وأن يفرق بين اثنين يوم الجمعة فما الجمعة؟ قلت: الإمام يستثنى من ذلك فله أن يتخطى إلى موضعه.
          وقال المهلب: الشارع ليس كغيره في أمر الصلاة ولا غيرها؛ لأنه ليس لأحد أن يتقدم عليه فيها، وله أن يتقدم لما ينزل عليه من أحكام الصلاة، أو ينزل عليه قرآن بإثبات / حكم ونسخه، وليس لغيره شيء من ذلك وليس حركة من حركاته إلَّا وَلَنَا فيها منفعة وسنة نقتدي بها، والمكروه من التخطي هو ما يختص بالأذى والجفاء على الجلوس في التخطي على رقابهم وقلة توقيرهم، وليس كذلك الوقوف في الصلاة؛ لأنهم ليسوا في حديث تفاوضوا فيه فيقطعه عليهم المار بينهم كما يقطعه من جلس بين اثنين متحادثين في علم أو مشاورة.
          ويستدل على ذلك بقول مالك: من رعف في الصلاة أن له أن يشق الصفوف عرضاً إلى الباب، فإن لم يمكنه خرج كيف تيسر له، وليس لأحد أن يشقها بالدخول والناس جلوس قبل الصلاة؛ لما في ذلك من الجفاء على الناس والأذى لهم، ولهم ذلك بعد تمام الصلاة؛ لأنهم ممن أباح لهم الانتشار بعدها فبذلك سقط أذى التخطي عن الخارج؛ لأنهم مختارون للجلوس بعد الصلاة، ومأمورون بالجلوس قبلها، وقد خرج ◙ بعد تقضي الصلاة يتخطى رقاب الناس، فقال: ((تذكرت ذهبية كانت عندي فخشيت أن تحبسني)).
          وفي قوله: ((فليسبح الرجال ولتصفق النساء)) حجة لنا على أنها لا تسبح فيها لما يخشى من صوتها على الناس، وهو نص لا مدفع فيه.