مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب ما يكره من ثناء السلطان وإذا خرج قال غير ذلك

          ░27▒ باب ما يكره من الثناء على السلطان، فإذا خرج قال غير ذلك
          فيه حديث عاصم بن محمد بن زيد.. إلى آخره.
          لا ينبغي لمؤمن أن يثني على سلطان أو غيره في وجهه وهو عنده مستحق للذم، ولا يقول بحضرته خلاف ما يقوله إذا خرج من عنده؛ لأن ذلك نفاق، كما قال ابن عمر، وقال فيه ◙: ((شر الناس ذو الوجهين)) الحديث؛ لأنه يظهر لأهل الباطل الرضا عليهم، ويظهر لأهل الحق مثل ذلك؛ ليرضي كل فريق منهم، ويريد أنه منهم.
          وهذه المذاهب المحرمة على المؤمنين.
          فإن قلت: إن حديث ابن عمر وحديث أبي هريرة يعارضان قوله ◙ للذي استأذن عليه: ((بئس ابن العشيرة)) ثم يلقاه بوجه طلق وترحيب.
          قلت: لا تعارض؛ لأنه ◙ لم يقل خلاف ما قاله عنه بل أبقاه على التجريح عند السامع، ثم تفضل عليه بحسن اللقاء والترحيب لما كان يلزمه ◙ من الاستئلاف، وكان يلزمه التعريف لخاصته بأهل التخليط والتهمة بالنفاق، وقد قيل: إن تلقيه له بالبشر إنما كان لاتقاء شره، وليكف بذلك أذاه عن المسلمين، فإنما قصد بالوجهين جميعاً إلى نفع المسلمين بأن عرفهم بسوء حاله، وبأن كفاهم ببشره له أذاه وشره، وذو الوجهين بخلاف هذا؛ لأنه يقول الشيء بالحضرة، وقيل ضده في غير الحضرة، وهذا تناقض. والذي فعله ◙ محكم مبين لا تناقض فيه؛ لأنه لم يقل لابن العشيرة / عند لقائه إنه فاضل ولا صالح؛ بخلاف ما قال فيه في غير وجهه، ومن هذا الحديث استجاز الفقهاء التجريح والإعلام بما يظن من سوء حال الرجل إذا خشي منه على المسلمين.
          وسلف في كتاب الأدب معنى قوله ◙: ((بئس ابن العشيرة)). وهذه صفة المنافق الذي يبدي للناس شيئاً ويكتم غيره.