مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب إخراج الخصوم وأهل الريب من البيوت بعد المعرفة

          ░52▒ باب إخراج الخصوم وأهل الريب من البيوت
          فيه حديث أبي هريرة: أن رسول الله صلعم قال: ((والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب)) الحديث.
          قال المهلب: إخراج أهل الريب والمعاصي من دورهم بعد / المعرفة بهم واجب على الإمام لأجل تأذي من جاورهم، ومن أجل مجاهرتهم بالعصيان وإذا لم يعرفوا بأعيانهم ولا يلزم البحث عن أمرهم؛ لأنه من التجسس الذي نهى الله عنه، وليس للسلطان أن يرفع ستر اختفائهم حتى يعلنوا إعلاناً يعرفون به؛ لقوله عن الله: ((كل عبادي معافون إلا المجاهرون))، فحينئذ يجب على السلطان تغييره والنكال فيه كما صنع بأخت الصديق حين ناحت.
          وقال غيره: ليس إخراج أهل المعاصي بواجب، فمن ثبت عليه ما يوجب الحد أقيم عليه، وإنما أخرج غير تلك؛ لأنه نهاها عن النياحة، فلم تنته فأبعدها عن نفسه لا أنه أبعدها عن البيت أبداً؛ لأنها رجعت بعد ذلك إلى بيتها.
          وقد روى أبو زيد عن ابن القاسم في رجل فاسد يأوي إليه أهل الفسق والشر ما يصنع به؟ قال: يخرج من منزله وتخارج عليه الدار، قلت: لا تباع عليه؟ قال: لا لعله يتوب فيرجع إلى منزله وقد مر هذا المعنى في آخر الجهاد.
          وفيه: الرغبة لمن ترك صلاة الجماعة من غير عذر، وفيه جواز العقوبة بالمال كالعتق بالمثلة.
          والمرماة(1) المذكورة في الحديث بكسر الميم وفتحها حديدة كالنشاب كانت الجاهلية يكومون كوماً من تراب ويبعدون عنه ويرمون بتلك الحديدة فأيهم أثبتها فيه فهو غالب، قاله ابن وضاح، وقال مالك: المرماتين: السهمانين، وقال أبو عبيد: هما ما بين ظلفي الشاة، قال: وهذا حرف لا أعرفه ولا أدري تفسيره.
          ومعنى الحديث: أن المنافقين كانوا يتخلفون عن شهود الجماعة معه ◙ فهمَّ بتحريق بيوتهم عقوبة لهم ثم أخبر ◙ بحقارة ما يتبادرون إليه من العظم والمرماتين وعدم ما يتخلفون عنه في شهود الصلاة في مسجد معه، وأتاهم ◙ يحرق بيوتهم ولم يفعل؛ لأنه ◙ لم يقصدهم إليه في ذلك.


[1] في هامش المخطوط: ((هي الهامة المرماة بالله السه مالصغير يتعلم به الرمي وهو أحقر السهام وأروثها)).