مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب رزق الحكام والعاملين عليها

          ░17▒ باب رزق القاضي والعاملين عليها
          وكان شريح القاضي يأخذ على القضاء أجراً.
          وقالت عائشة.. إلى آخره، ثم ساق حديث الزهري: أخبرني السائب بن يزيد.. إلى آخره.
          وعن الزهري: حدثني سالم.. إلى آخره.
          أثر شريح أخرجه ابن أبي شيبة، عن الفضل بن دكين، عن الحسن بن صالح، عن ابن أبي ليلى قال: بلغنا أو قال: بلغني أن عليًّا رزق شريحاً خمسمائة.
          والتعليق عن عائشة وأبي بكر وعمر سلف، وكان أكلهما في أيام خلافتهما؛ لاشتغالهما بأمور المسلمين، ولهما من ذلك حق، وأما قبلها فقد روي أنهما كانا عاملين، وذلك جائز أيضاً لهما.
          وحديث حويطب سلف أنه أحد الأحاديث التي اجتمع فيها أربعة من الصحابة.
          والزهري: محمد بن مسلم، يكني: أبا بكر، مات بالشام في رمضان سنة أربع وعشرين ومائة، والسائب بن يزيد حليف بني أمية مات سنة ست وثمانين، ووالده صحابي.
          وقام الإجماع على أن أرزاق الحكام من الفيء، وما جرى مجراه مما يصرف في مصالح المسلمين؛ لأن الحكم بينهم من أعظم مصالحهم.
          قال الطبري: وفيه الدليل الواضح على أن من شغل بشيء من أعمال المسلمين أخذ الرزق على عمله ذلك؛ لاشتغاله بأمور المسلمين كالولاة والقضاة وجباة الفيء وعمال الصدقة وشبههم؛ لإعطاء رسول الله عمر العمالة على عمله الذي استعمله عليه.
          فكذلك سبيل كل مشغول بشيء من أعمالهم له من الرزق على قدر استحقاقه عليه، وسبيله سبيل عمر في ذلك. قال غيره: إلا أن / طائفة من السلف كرهت أخذ الرزق على القضاء. روي ذلك عن ابن مسعود والحسن البصري والقاسم.
          وذكره ابن المنذر عن عمر بن الخطاب، وحكاه ابن أبي شيبة عن مسروق أيضاً، ورخصت في ذلك طائفة.
          وذكر ابن المنذر: أن زيد بن ثابت كان يأخذ على القضاء أجراً. وروي ذلك عن ابن سيرين وشريح، وهو قول الليث وإسحاق وأبي عبيدة، والذين كرهوه ليس بحرام عندهم.
          وقال الشافعي: إذا أخذ القاضي جعلاً لم يحرم عندي. واحتج أبو عبيد في جواز ذلك بما فرض الله للعاملين على الصدقة، وجعل لهم منها حقًّا لقيامهم وسعيهم فيها.
          قال ابن المنذر: وحديث ابن السعدي حجة في جواز إرزاق القضاة من وجوهها. قال المهلب: وإنما كره ذلك من كرهه؛ لأن أمر القضاء إنما هو محمول في الأصل على الاحتساب، ولذلك عظمت منازلهم وأجورهم في الآخرة، ألا ترى أن الله تعالى أمر نبيه وسائر الأنبياء ‰ أن يقولوا: ما أسألكم عليه أجراً؛ ليكون ذلك على البراءة من الاتهام.
          ولذلك قال مالك: أكره أجر قسام القاضي؛ لأن من مضى كانوا يقسمون ويحتسبون ولا يأخذون أجراً. فأراد أن يجري هذا الأمر على طريق الاحتساب على الأصل الذي وصفه الله تعالى للأنبياء ‰؛ لئلا يدخل في هذه الصناعة من لا يستحقها ويتحيل على أموال المسلمين، وأما من حكم بالحق إذا تصرف في مصالح المسلمين فلا يحرم عليه أخذ الأجر على ذلك.
          وسلف هذا المعنى في كتاب الزكاة، وفي كتاب الوصايا اختلاف العلماء فيما يجوز للوصي أن يأكل من مال يتيمه.
          وأما قوله ◙ لعمر: ((خذه فتموله وتصدق به))، فإنما أراد الأفضل والأعلى من الأجر؛ لأن عمر وإن كان مأجوراً في إيثاره بعطائه على نفسه من هو أفقر إليه منه، فإن أخذه العطاء ومباشرته الصدقة بنفسه أعظم لأجره، وهذا يدل أن الصدقة بعد التمول أعظم أجراً؛ لأن خلق الشح حينئذ مستول على النفوس.
          وفيه: أن أخذ ما جاء من المال من غير مسألة أفضل من تركه؛ لأنه يقع في إضاعة المال، وقد نهى الشارع عن ذلك.
          وقسم ابن التين رزق القضاة قسمان من بيت المال، ومن المتحاكمين، والأول ثلاثة أقسام:
          أحدها: أن لا تكون شبهة فيما يدخلها، والأخذ منها جائز قطعاً لكل من ولي من أمور المسلمين شيئاً تعمهم منفعته.
          ثانيها: أن يكون الغالب فيها من غير وجهه فلا خلاف أن الترك أولى، فإن أخذ، فإن كان فقيراً أو مسكيناً جاز، أو غنياً فمكروه.
          ثالثها: أن يكون غالب ما يدخلها من وجهه، فأما الفقير فيجوز له الأخذ قطعاً.
          واختلف فعل العلماء المقتدى بهم، فمنهم من أخذ، ومنهم من ترك.
          وأما أخذ القاضي والمفتي من المتحاكمين أو المستفتي؛ قال: فهي رشوة محرمة.
          وأما العامل فقد فرض الله له سهماً في الزكاة، فأما الوصي فسلف حكمه في باب الوصية.
          فيه جواز الأخذ من بيت المال لكل من تكلف من أمور المسلمين شيئاً، وكشف الإمام عمن له حق في بيت المال؛ ليعطيه إياه وكراهية الأخذ مع الاستغناء، وإن كان المال طيباً.
          وجواز الصدقة مما لم يقبض إذا كان له واجباً، وقوله ◙ لعمر: ((خذه فتموله وتصدق به)) دال على أن الصدقة بعد القبض.
          ذهب بعض الصوفية: أن المال إذا جاء من غير إشراف نفس ولا سؤال لا يرد، فإن رد عوقب بالحرمان، ويحكي عن أحمد أيضاً وأهل الظاهر.
          قال والدي ⌂:
          (باب من شاق شق الله عليه) أي: ثقل الله عليه يقال: شققت عليه أي: أدخلت عليه المشقة.
          قوله: (خالد) هو ابن عبد الله، و(والجريري) مصغر الجر بالجيم وبالراء سعيد، و(طريف) بفتح المهملة ابن مجالد بالجيم وكسر اللام أبو تميمة بفتح الفوقانية مر في الأدب، و(صفوان) لعله ابن محرز بفاعل الإحراز بالمهملة / والراء والزاي المازني من تابعي البصرة، و(جندبا) بضم الجيم وسكون النون وفتح المهملة وضمها ابن عبد الله البجلي وفي بعضها جندب بدون الألف وهو لغة ربعيَّة يكتبون المنصوب بدون الألف، و(هو) أي: جندب كان يوصي أصحابه. قال الفربري: قلت: لأبي عبد الله من يقول سمعت رسول الله، جندب؟ قال: نعم جندب.
          قوله: (من سمع) أي: من عمل للسمعة يظهر الله للناس سريرته ويملأ أسماعهم بما ينطوي عليه من خبث السرائر جزاءً لفعله وقيل: أي يسمعه الله ويريه ثوابه من غير أن يعطيه وقيل: معناه من أراد بعمله الناس أسمعه الله الناس وذلك ثوابه فقط.
          وفيه أن الجزاء من جنس الذنب.
          الخطابي: من راءى بعمله وسمع به الناس ليعظموه بذلك شهره الله يوم القيامة وفضحه حتى يرى الناس ويسمعون ما يحل به من الفضيحة عقوبة على ما كان منه في الدنيا من الشهرة ومن يشاقق [الله] هو إما بأن يضر الناس ويحملهم على ما يشق من الأمر وإما بأن يكون ذلك من شقاق الخلاف وهو بأن يكون في شق منهم وفي ناحية من جماعتهم.
          قوله: (يبين) بالضم والكسر (وكف) وفي بعضها كف وهو عبارة عن مقدار دم إنسان واحد، و(أهراقه) أي: صبه أي: من قدر أن لا يجعل له القتل بغير الحق حائلاً بينه وبين الجنة فليفعل وفيه تغليظ عقوبة القتل.
          قوله: (يحيى بن يعمر) بفتح التحتانية والميم وإسكان المهملة بينهما وبالراء البصري القاضي بمرو، و(الشعبي) هو عامر الكوفي، و(جرير) بفتح الجيم وكذلك أبو الجعد، و(سدة المسجد) أي: عتبته ورحبته، و(استكان) خشع وذل وهو افتعل من السكون فالمد شاذ وقيل: استفعل من السكون فالمد قياس، و(كبير) بالموحدة والمثلثة.
          قوله: (ثابت) ضد: الزائل البناني بضم الموحدة وخفة النون، و(فلانة) غير منصرف كناية عن أعلام إناث الأناسي، و(إليك عني) أي: تنح عني وكف نفسك مني، و(خلو) بالكسر هو الخالي، و(الصدمة) إصابة الأمر يعني وقع في أول الأمر(1) منك التقصير مر الحديث في الجنائز.
          فإن قلت: كان له بواب مثل الغلام الذي كان على المشربة وأذن لعمر في الدخول فيها بأمره صلعم وأبو موسى كان بواباً في البستان في حديث بشره بالجنة؟ قلت: معناه لم يكن له بواب رأيت دائماً أو في حجرته التي كانت مسكناً له أو لم يكن ذلك بتعيينه صلعم بل باشرا ذلك بنفسهما.
          قوله: (دون) هو إما بمعنى عند وإما بمعنى غير لكن الحديث الثاني يدل على أنه بمعنى غير لا غير والأول يحتملهما، و(محمد بن خالد) يقال أنه محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد الذهلي، و(ثمامة) بضم المثلثة وخفة الميم ابن عبد الله بن أنس بن مالك، و(قيس) هو ابن سعد بن عبادة بضم المهملة وخفة الموحدة الأنصاري.
          فإن قلت: ما فائدة تكرار معنى الكون حيث قال يكون وهل أحدهما إلا زائدًا؟ قلت: فائدته بيان الاستمرار والدوام.
          و(الشرط) بضم المعجمة وفتح الراء جمع الشرطة وهم أول الجيش؛ سموا بذلك لأنهم أعلموا أنفسهم بعلامات، و(الأشراط) الأعلام فصاحب الشرط معناه: صاحب العلامات لما قدم رسول الله صلعم مكة كان قيس في مقدمته وينفذ في أموره.
          والعلماء اختلفوا فيه فقال الحنفية: لا يقيم الحدود إلا الأمراء ولا يقيمها عامل السواد وبعض المالكية لا يقبل إلا والي الفسطاط.
          قوله: (قرة) بضم القاف وتشديد الراء ابن خالد السدوسي، و(حميد) بالضم ابن هلال العدوي بالمهملتين والواو، و(بعثه) أي: أرسله إلى اليمن قاضياً، و(عبد الله بن الصباح) بشدة الموحدة العطار البصري، و(محبوب) ضد المبغوض ابن الحسن أبو جعفر القرشي البصري، ويقال اسمه محمد لم يتقدم ذكره وأما / (خالد) فهو الحذاء، و(معاذ) بضم الميم ابن جبل ضد السهل الأنصاري، و(هو) أي: الرجل المتهود.
          و(قضاء الله) بالرفع أي: وهذا حكم الله ورسوله مر في كتاب المغازي في باب بعث أبي موسى ومعاذ ☻ مستوفى ووجه مطابقته للترجمة أنهما نقلاه ولم يرفعاه إلى النبي صلعم.
          قوله: (عبد الملك بن عمير) مصغراً، و(أبو بكرة) هو نفيع بضم النون الثقفي، و(سجستان) بكسر المهملة الأولى والجيم وسكون الثانية وبالفوقانية قبل الألف وبالنون بعدها بلاد بين كرمان والهند لهم سلطان مستقل وأسلحة كثيرة، و(الحكم) بالفتحتين الحاكم وذلك لأن الغضب يغير الطباع ويفسد الرأي ويطير العقل ولذلك يقال الغضب عزل العقل فلا يؤمن معه الخطأ وفي معنى الغضب كل ما غير طبع الإنسان وأدهشه عن الفكر من الجوع والمرض ونحوه فلا يقضي حتى تزول عنه هذه الأعراض.
          قوله: (إسماعيل بن أبي خالد) البجلي، و(قيس بن أبي حازم) بالمهملة بجلي أيضاً، و(أبو مسعود) هو عقبة بسكون القاف الأنصاري البدري، و(فلان) كناية عن معاذ بن جبل، و(ما صلى) ما زائدة مر الحديث أولاً في كتاب العلم في باب الغضب في الموعظة.
          قوله: (محمد بن أبي يعقوب الكرماني) المشهور عند المحدثين فتح الكاف لكن أهلها يقولون بالكسر وأهل مكة أعرف بشعابها وهو بلد أهل السنة والجماعة ولا يكاد يوجد فيها شيء من العقائد الفاسدة وهو مولدي(2).
          وأول أرض مس جلدي ترابها
          و(حسان بن إبراهيم) العنزي بالمهملة والنون المفتوحتين وبالزاي الكرماني أيضاً تقدما في البيع، و(محمد) هو ابن شهاب الزهري، و(تغيظ) أي: غضب.
          فإن قلت: ما فائدة التأخير إلى الطهر الثاني؟ قلت: هو أن لا تكون الرجعة لغرض الطلاق فقط وأن يكون كالتوبة من معصيته وأن يطول مقامه معها فلعله يجامعها ويذهب ما في نفسها من سبب الطلاق فيمسكها مر في أول الطلاق.
          (باب من رأى للقاضي) وفي بعضها: للحاكم، و(التهمة) بفتح الهاء يعني: له أن يحكم بشرطين عدم التهمة ووجود شهود القضية كقصة هند في تزوجها(3) لأبي سفيان ووجوب النفقة عليه كانت معلومة مشهورة، وقال مالك وأحمد: لا يقضي بعلمه أصلاً لا في حق الله ولا في حق الناس، و(هند) هي بنت عتبة بضم المهملة وإسكان الفوقانية وبالموحدة، و(الخباء) بالمد الخيمة، قيل: أرادت بقولها أهل خباء نفسه صلعم فكنت عنه بأهل الخباء إجلالاً له ويحتمل أن يريد به أهل بيته أو صحابته، و(أبو سفيان) وهو صخر الأموي أبو معاوية، و(مسيك) بفتح الميم وخفة المهملة وبكسرها وبالتشديد، و(من معروف) أي: الإطعام الذي هو المعروف بأن لا يكون فيه إسراف ونحوه.
          وفيه فوائد تقدمت في النفقات.
          قوله: (ما يضيق عليه) أي: ما لا يجوز أو ما يشترط فيه، و(بعض الناس) قيل أراد به الحنفية، و(إنما صار) هو كلام (خ) ردًّا عليهم أي: هو حد لا مال وإنما يصير مالاً بعد الثبوت عند الحاكم، و(الخطأ والعمد) في أول الأمر حكمهما واحد لا تفاوت في كونهما حدًّا وكذا في العمد ربما يكون مآله المال، و(كتب عمر) ☺ إلى عامله في شأن الحدود / وأحكامها وفي بعضها في الجارود بالجيم وضم الراء وبالواو والمهملة العبدي.
          قال ابن قرقول بضم القافين وسكون الراء بينهما وبالواو بعدهما في المطالع: أي في شهادة الجارود حيث شهد على قدامة بن مظعون بشرب الخمر فكتب عمر إلى عامله بالبحرين أي: يسأل امرأة قدامة في ذلك.
          و(إبراهيم) أي: النخعي، و(إذا عرف) أي: إذا كان الكتاب والختم مشهوراً بحيث لا يلتبس بغيره، و(الشعبي) هو عامر وعليه مالك وأما أكثر الفقهاء فعلى أنه اذا أشهد القاضي على ما في كتابه ولم يعرف الشاهد ما فيه لم يجز للقاضي المكتوب إليه الحكم به.
          قوله: (معاوية بن عبد الكريم) الثقفي الضال في طريق مكة سنة ثمان ومائة، و(عبد الملك بن يعلى) بوزن يرضى قاضي البصرة، و(إياس) بتخفيف التحتانية ابن معاوية المزني البصري القاضي بها، و(ثمامة) بضم المثلثة وخفة الميم ابن عبد الله القاضي، و(بلال بن أبي بردة) بضم الموحدة وإسكان الراء الأشعري أمير البصرة وقاضيها، و(عبد الله بن بريدة) مصغر البردة بالموحدة الأسلمي قاضي مرو، و(عامر بن عبيدة) بفتح المهملة وكسر الموحدة الباهلي القاضي بالبصرة، و(عباد) بالمفتوحة وشدة الموحدة وبالراء ابن عبد الله العنبري بالنون والموحدة القاضي، و(عبيد الله بن محرز) بفاعل الإحراز بالمهملة والراء والزاي، و(أبو قلابة) بكسر القاف وخفة اللام عبد الله.
          قوله: (صاحبكم) وهو عبد الله بن سهل وجد قتيلاً بين اليهود بخيبر والإضافة إليهم بملابسة كونه مقتولاً بينهم إن كان خطًّا وإلا فهو ظاهر، و(يدوا) أي: يُعطوا الدية ذكر قصته في آخر الجهاد، و(محيصة) بضم الميم وفتح المهملة وشدة التحتانية وبالمهملة.
          قوله: (من وراء الستر) إما بالتنقب وإما بغير ذلك، و(محمد بن بشار) بالمعجمة الشديدة، و(الوبيص) بفتح الواو وكسر الموحدة وبالمهملة اللمعان والبراقة.
          وفيه دليل على أن كتاب القاضي حجة وإن لم يكن مختوماً.
          قوله: (يستوجب) أي: متى يصير أهلاً للقضاء أو متى يجب عليه القضاء.
          قوله: (وهذين) يعني: داود وسليمان (لرئيت) بلفظ غائبة المجهول، و(مزاحم) بفاعل المزاحمة بالزاي والمهملة ابن زفر الكوفي، و(الخطة) بالضم الخصلة والأمر، و(أخطأ) أي: تجاوز وفات، و(منهن) في بعضها منهم ولعل ذلك باعتبار العفيف لا العفة والحليم لا الحلم ونحوه أو الضمير راجع إلى القضاء، و(الوصمة) العيب والعار، و(فهما) أي: لدقائق القضايا متفرساً للحق من كلام الخصوم، و(الحلم) هو الطمأنينة أي: يكون متحملاً لسماع كلام المتحاكمين واسع الخلق غير متضجر ولا غضوب، و(العفة) النزاهة عن القبائح أي: لا يأخذ الرشوة بصورة الهدية ولا يميل إلى ذي جاه ونحوه، و(الصلابة) هي القوة النفسانية على استيفاء الحدود من القتل والقطع والجلد.
          فإن قلت: هذه ستة لا خمسة؟ قلت: السادس من تتمة الخامس لأن كمال العلم لا يحصل إلا بالسؤال.
          قوله: [(شريح)] مصغر الشرح بالمعجمة والراء والمهملة القاضي، قال الشارح المصري(4): هذا التعليق ضعيف وهو يرد على من قال التعليق المجزوم به عند (خ) صحيح، و(العمالة) بالضم وخفة الميم وقيل: هو من المثلثات وهي أجر العمل.
          قوله: (السائب) فاعل من السيب بالمهملة والتحتانية والموحدة ابن أخت نمر بلفظ الحيوان المشهور الكندي وحويطب تصغير الحاطب بالمهملتين ابن عبد العزى اسم الصنم المشهور العامري من الطلقاء مات [سنة] / أربع وخمسين، و(عبد الله بن السعدي) بفتح المهملة الأولى سنة ثمان وخمسين ولم يتقدم ذكرهما وهذا الإسناد من الغرائب اجتمع فيه أربعة من الصحابة.
          قوله: (أفقر إليه مني) فإن قلت: كيف جاز الفصل بين أفعل التفضيل وبين كلمة من؟ قلت: ليس أجنبيًّا بل هو ألصق به من الصلة؛ لأن ذلك محتاج إليه بحسب جوهر اللفظ والصلة محتاج إليها بحسب الصيغة.
          قوله: (غير مشرف) أي: غير طامع وناظر إليه، و(إلا) أي: إن لم يجئ إليك فلا تتبعه نفسك في طلبه واتركه.
          فإن قلت: لم منعه رسول الله صلعم من الإيثار؟ قلت: إنما أراد الأفضل والأعلا من الأجر لأن عمر وإن كان مأجوراً بإيثاره على الأحوج، لكن أخذه ومباشرته الصدقة بنفسه أعظم لأجره، وذلك لأن الصدقة بعد التمول إنما هو بعد دفع الشح الذي هو مستولي على النفوس.
          وفيه أن من اشتغل بشيء من عمل المسلمين له أخذ الرزق عليه؛ لأنه صلعم أعطى عمر العمالة على عمله الذي استعمله عليه.
          وفيه أن أخذ ما جاء من غير السؤال أفضل من تركه؛ لأن فيه نوعاً من إضاعة المال.
          الزركشي:
          (الجريري) بضم الجيم هو سعد بن إياس نسبة إلى جرير بن عبدوان.
          (من سمع سمع الله به يوم القيامة) أي: من سمع الناس بعمله سمعه الله ثوابه وأراه غير ما يعطيه، أو أسمع الناس يوم القيامة ما يحل به من الفضيحة عقوبة ما كان منه في الدنيا من حب الشهرة والسمعة.
          (ومن يشاقق يشقق الله عليه) أي: من يشقق على الناس ويضارهم بأمور يكرهونها يكون في شق عن المسلمين بمعزل عنهم.
          (ينتن) بضم أوله.
          (عند سدة المسجد) هي المظلة على الباب لتقيه من المطر، وقيل: هي الباب نفسه، وقيل: الساحة بين يديه.
          (استكان) استفعل من السكون، وهو الذل والخضوع.
          (الخلو) بالكسر: الفارغ البال من الهموم.
          (عند أول صدمة) أي: عند فورة المصيبة وشدتها.
          (صاحب الشرط) شرط السلطان بضم أوله وفتح ثانيه نخبة أصحابه الذين يقدمهم على غيرهم من جنده.
          وقال ابن الأعرابي: هم الشرط والنسبة إليهم شرطي.
          (لا يقضين حكم) أي: حاكم.
          (رجل مسيك) بتشديد السين، وفيه ما سبق في البيوع.
          (عامر بن عبدة) بتحريك الباء، وقيل: بسكونها، حكاه ابن ماكولا.
          و(بجالة بن عبدة) بالتحريك، روي له في الجزية، ولا ثالث لهما في الصحيح، وما عداهما بسكون الباء.
          (الوصمة) بالإسكان العيب، ويروى: ((خطة)).
          (فهما) بفتح أوله وكسر ثانيه من صيغ المبالغة.
          (صليباً) أي: شديداً.
          (وأنت غير مشرف) يقال: أشرفت الشيء علوته، أراد ما جاءك منه وأنت غير متطلع إليه ولا طامع فيه.
          (رحبة المسجد) بالتحريك: ساحته.
          وحديث أبي قتادة سلف في المغازي، انتهى كلام الزركشي.
          أقول:
          قوله: (في باب من شاق شق الله عليه).
          قوله: (شهدت صفوان وجندب وأصحابه) صفوان هو ابن محرز المازني وكان فاضلاً، والتقدير شهدت صفوان وأصحابه وجندب يوصيهم، وفي رواية صفوان وجندباً والرواية البينة تنصف صفوان وجندباً وأصحابه لأنهم مشهورون، والضمير في قوله وهو يوصيهم عائد إلى جندب، وأما هذه النسخة ففيها ما يرى من الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه بالمبتدأ، والفصل بين المبتدأ والخبر بالمعطوف على غير المبتدأ.
          وفيه إيقاع وهو حشو لا احتياج إليه.
          قوله: (خلو) بالكسر الفارغ البال من الهموم، والخلو أيضاً المنفرد.
          ومنه الحديث: إذا كان إماماً أو خلوًّا.
          (باب الشهادة على الخط).
          قوله: (عامر بن عبيدة) قيل صوابه عَبَدة بتحريك الباء.
          (باب رزق الحكام).
          قوله: (أخبرني السائب بن يزيد) فيه أربع من الصحابة يروي بعضهم عن بعض أولهم: السائب، وفي حديث آخر في غير الصحيح خمسة من الصحابة يروي بعضهم عن بعض وهو عبد الله بن عمرو بن العاص عن عثمان بن عفان عن عمر بن الخطاب عن أبي بكر الصديق عن بلال ♥ / قال: قال رسول الله صلعم: ((الموت كفارة لكل مسلم)).
          وفي (م): أربع صحابيات يروي بعضهن عن بعض وهي: زينب بنت أم سلمة عن حبيبة بنت أم حبيبة عن زينب بنت جحش أن رسول الله صلعم دخل عليها فزعاً يقول: ((لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب)) الحديث فيه ربيبتان وزوجتان.


[1] كتبت على هامش المخطوط وفوقها: ظ.
[2] في هامش المخطوط: ((أقول: صدره:بلاد بها عق الشباب تمائمي)).
[3] في هامش المخطوط: في (خ): زوجتيها.
[4] في هامش المخطوط: ((يعني به مغلطاي)).