مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب: من سأل الإمارة وكل إليها

          ░6▒ باب من سأل الإمارة وكل إليها
          فيه حديث عبد الرحمن السالف، وترجم عليه ابن بطال باب: من لم يسأل الإمارة أعانه الله عليها وساقه ثم قال: باب: من سأل الإمارة وكل إليها، والذي في الأصول ما ذكرته.
          وترجم عليه ابن التين بالثاني فقط.
          والإمارة بكسر الهمزة مصدر أمر فلان وأمر أيضا بالضم أي: صار أميرا، والأمارة بالفتح الوقت والعلامة.
          قوله: (وكلت إليها) / أي: ومن وكل إلى نفسه هلك، وهذا لعله إذا لم يجد من نفسه صلاحية لذلك، وقد قال يوسف: {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ} [يوسف:55] وقال سليمان: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي} [ص:35] ويحتمل أن الأول لغير الأنبياء.
          قوله: (فكفر عن يمينك وائت الذي هو خير).
          فيه: إجازة تقديم الكفارة قبل الحنث، وهو قول، والمنع أحوط، قاله ابن التين.
          قال المهلب: فيه دليل على أنه من تعاطى أمراً وسولت له نفسه أنه قائم به أنه يخذل فيه في أغلب الأحوال؛ لأن من سأل الإمارة لم يسألها إلا وهو يرى نفسه أهلاً لها، قال ◙: ((وكل إليها)) بمعنى: لم يعن على ما أعطي، والتعاطي أبداً مقرون بالخذلان، وإن من دعي إلى عمل أو إمامة في الدين فقصر نفسه عن تلك المنزلة، وهاب أمراً فيه رزقه الله المعونة، وهذا إنما هو مبني على أن من تواضع لله رفعه.
          وذكر ابن المنذر من حديث أبي عوانة عن عبد الأعلى الثعلبي عن بلال بن مرداس الفزاري، عن حميد، عن أنس عن رسول الله قال: ((من ابتغى القضاء واستعان عليه بالشفعاء وكل إلى نفسه، ومن أكره عليه أنزل الله عليه ملكاً يسدده)). وهذا تفسير قوله: ((أعنت عليها)).