مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب من لم يكترث بطعن من لا يعلم في الأمراء حديثًا

          ░33▒ باب من لم يكترث بطعن من لا يعلم في الأمر
          فيه حديث: بعث رسول الله صلعم بعثاً.. الحديث وسلف.
          ومعنى الترجمة: أن الطاعن إذا لم يعلم حال المطعون عليه وكذب في طعنه لا ينبغي أن يكترث له كثير اكتراث، ألا ترى أنه ◙ قد حلى هذا الطعن حين أقسم أنه كان خليقاً للإمارة.
          وفيه: أنه يتأسى المرء بما قيل في المرء من الكذب إذ قيل مثل ذلك فيمن كان قبله من الفضلاء.
          وفيه: التبكيت للطاعنين؛ لأنهم لما طعنوا في إمارة أبيه، ثم ظهر من غناه وفضله ما ظهر كان ذلك ردًّا لقولهم.
          فإن قلت: فقد طعن علي أسامة وأبيه ما ليس فيهما، ولم يعزل الشارع واحداً منهما بل بين فضلهما، ولم يتهمهما، ولم يعتبر عمر بهذا القول في سعد وعزله حين قذفه أهل الكوفة بما هو بريء منه.
          فالجواب: أن عمر لم يعلم من مغيب أمر سعد ما علمه الشارع من مغيب أمر زيد وأسامة، وإنما قال عمر لسعد حين ذكر أن صلاته تشبه صلاة رسول الله: ذاك الظن بك. ولم يقطع على ذلك كما قطع رسول الله في أمر زيد أنه خليق للإمارة، وقال في أسامة: ((إنه لمن أحب الناس إليه)) ولا يجوز أن يحب الشارع إلا من أحبه الله ومن لا يسوغ فيه العيب والنقص.
          ويحتمل أن يكون الطعن من المنافقين الذين كانوا يطعنون على رسول الله ويقبحون آثاره وآراءه، وقد وصف الله أنه من اتهم الرسول في قضاياه أنه غير مؤمن؛ لقوله تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ} [النساء:65] الآية.