مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب: كيف يبايع الإمام الناس؟

          ░43▒ بابٌ كيف يبايع الإمام الناس؟
          فيه أحاديث:
          1- حديث عبادة: بايعنا رسول الله على السمع والطاعة.
          2- حديث أنس: خرج النبي صلعم في غداة باردة والمهاجرون والأنصار.
          3- حديث ابن عمر: كنا إذا بايعنا رسول الله.
          4- حديث عبد الله بن دينار: شهدت ابن عمر حيث اجتمع الناس.
          5- حديث جرير: بايعت رسول الله على السمع.
          6- حديث سلمة بن الأكوع في مبايعته يوم الحديبية.
          7- حديث حميد بن عبد الرحمن هو ابن عوف عن المسور بن مخرمة، وقد سلف.
          قال المهلب: ألفاظ بيعة رسول الله، فروي: بايعنا رسول الله على السمع والطاعة. وروي: على الجهاد، وروي: على الموت. وقد بين ابن عمر وعبد الرحمن بن عوف في بيعتهما ما يجمع معاني البيعة كلها، وهو قولهم: على السمع والطاعة على سنة الله وسنة رسوله.
          قوله: (فيما استطعتم) كقوله: {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [البقرة:286].
          وأما قوله: (في المنشط والمكره) فهذه بيعة العقبة الثانية بايعوا على أن يقاتلوا دونه، ويهلكوا أنفسهم وأموالهم. قال ابن إسحاق: وكانت بيعة الحرب حين أذن الله لرسوله في القتال شروطاً سوى شرطه.
          حدثني عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت، عن أبيه، عن جده عبادة قال: بايعنا رسول الله بيعة الحرب على السمع والطاعة الحديث.
          وكان عبادة من الاثني عشر الذين بايعوه في العقبة الأولى بيعة النساء. قال ابن إسحاق: وكانوا في العقبة الثانية ثلاثة وسبعين رجلاً من الأوس والخزرج وامرأتين.
          قال المهلب: قوله: (ولا ننازع الأمر أهله) فيه: أن الأنصار ليس لهم في الخلافة شيء كما ادعاه الحباب وسعد بن عبادة، ولذلك ما اشترط عليهم الشارع هذا أيضاً.
          وأما الرهط الذين ولاهم عمر، فهم: عثمان وعلي وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص، وقال: إن عجل بي أمر فالشورى في هؤلاء الستة الذين توفي رسول الله وهو عنهم راض.
          قال الطبري: فلم يكن أحد من أهل الإسلام يومئذ له منزلتهم من الدين والهجرة والسابقة والفضل والعلم بسياسة الأمة.
          إن قلت: كان في هؤلاء الستة من هو أفضل من صاحبه، والمعروف من مذهب عمر أن أحق الناس بالإمامة أفضلهم ديناً، وأنه لا حق للمفضول فيها مع الفاضل، فكيف جعلها في قوم بعضهم أفضل من بعض؟
          فالجواب: إنما أدخل الذين ذكرت في الشورى للمشاورة والاجتهاد للنظر للأمة؛ إذ كان واثقاً منهم بأنهم لا يألون المسلمين / نصحاً فيما اجتمعوا عليه، وأن المفضول منهم لا يترك والتقدم على الفاضل، ولا يتكلم في منزلة غيره أحق بها منه، وكان مع ذلك عالماً برضا الأمة بمن رضي به الأئمة الستة إذ كان الناس لهم تبعاً، وكانوا للناس أئمة وقادة لا أنه كان يرى للمفضول مع الفاضل حقًّا في الإمامة.
          وفيه أيضاً: الدلالة على بطلان ما قاله أهل الإمام من أنها في الخيار وأشخاص قد وقف عليها الشارع أمته فلا حاجة بهم إلى التشاور فيمن يقلدوه أمرها، وذلك أن عمر جعلها شورى بين النفر الستة؛ ليجتهدوا في أولاهم بها، فلم ينكر ذلك أحد من النفر الستة، ولا من غيرهم من المهاجرين والأنصار، ولو كان فيهم ما قد كان وقف عليه الشارع بعينه ونصبه لأمته كان حريًّا أن يقول منهم قائل: ما وجه التشاور في أمر قد كفيناه ببيان الله لنا على لسان رسوله؟
          وفي تسليم جميعهم له ما فعله، ورضاهم بذلك أبين البيان، وأوضح البرهان على أن القوم لم يكن عندهم من رسول الله في شخص بعينه عهد، وأن الذي كان عندهم في ذلك من عهده إليهم كان وقفاً على موصوف بصفات يحتاج إلى إدراكها بالانبساط والاجتهاد، فرضوا وسلموا ما فعل من رده الأمر في ذلك إلى النفر إذ كانوا يومئذ أهل الأمانة على الدين وأهله.
          وفيه: الدلالة الواضحة على أن الجماعة الموثوق بأديانهم ونصيحتهم للإسلام وأهله إذا عقدوا عقد الخلافة لبعض من هو من أهلها على تشاور منهم واجتهاد، فليس لغيرهم من المسلمين حل ذلك العقد ممن لم يحضر عقدهم وتشاورهم، إذ كان العاقدون قد أصابوا الحق فيه، وذلك أن عمر أفرد للنظر في الأمر النفر الستة ولم يجعل لغيرهم فيما فعلوا اعتراضاً، وسلم ذلك من فعله جميعهم ولم ينكره منهم منكر، ولو كان العقد في ذلك لا يصح إلا بإجماع الأمة عليه لكان خليقاً أن يقول له فيهم قائل: إن الحق الواجب بالعقد الذي خصصت بالقيام به هؤلاء الستة لم يخصهم به دون سائر الأمة بل الجميع شركاء، ولكن القوم لما كان الأمر عندهم على ما وصفت سلموا وانقادوا، ولم يعترض منهم معترض ولا أنكره منهم منكر.
          قوله: (بعد هجع من الليل) قال صاحب ((العين)): الهجوع: النوم بالليل خاصة، يقال: هجع يهجع وقوم هجع وهجوع.
          وعبادة بن الصامت بن قيس بن أصرم بن فهر بن ثعلبة بن نوفل، كنيته: أبو الوليد خزرجي من بني عمرو بن عوف بدري نقيب أحد من جمع القرآن، وكان طويلاً جسيماً جميلاً، مات عن اثنين وسبعين بالرملة سنة أربع وثلاثين، وهو من الأفراد.
          وأصل البيع: المعاوضة، فسميت: معاقدة النبي صلعم مبايعة؛ لما ضمن لهم فيها من الثواب إذا وفوا بها.
          قوله ◙: (على السمع والطاعة) يحتمل أن يريد به الامتثال في الأمر والنهي على كل حال من الأحوال.
          واختلف في معنى قوله: ((وأن لا تنازع الأمر أهله))، فقالت طائفة: معناه: إذا بويع له ممن يستحق ذلك فهو الذي لا يجوز الخروج عليه ولا منازعته، وكذلك إن كان ممن لا يستحق ذلك لم يلزم الناس أن يخرجوا عليه أيضاً.
          وقالت طائفة: إن كانت وطأته اشتدت لم يجز الخروج عليه، وإن كان ممن لا يستحق ذلك إذ لا يتوصل إلى ذلك إلا بقتل النفوس وأخذ الأموال، وإن قدر عليه بغير قتل ولا أخذ مال فذلك جائز، وعلى أهل الإسلام السمع والطاعة له، فإن عدل فله الأجر وعلى الرعية الشكر، وإن جار فعليه العذر وعلى الرعية الصبر والتضرع إلى الله تعالى في كشف ذلك عنهم.
          قوله: (إن الخير خير الآخرة) ليس بشعر؛ لأنه لم يقصد، وإنما / وقع اتفاقاً.
          وقولهم فيما أجازه: (ما بقينا أبدا) في مدة حياتهم.
          قوله: (فيما استطعتم) قاله إشفاقاً ورحمةً لهم وتنبيهاً لهم على استعمال ذلك في بيعتهم لئلا يدهمهم أمر لا طاقة لهم به، والرب جل جلاله قال: {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [البقرة:285] وقد سلف، وكذلك ما يقع منهم على وجه الخطأ والنسيان للحديث الصحيح فيه.
          وحميد بن عبد الرحمن السالف هو: ابن عوف كما سلف تابعي، مات سنة خمس وتسعين، ووقع في كتاب ابن التين سنة خمس ومائة.
          قوله: (الرهط الذين ولاهم عمر) يريد الذين جعل الولاية فيهم وعبد الرحمن منهم.
          وقول عبد الرحمن: (ليت بالذي ينافسكم) يريد في الخلافة، وهكذا ينبغي لمن علم أن ثم من هو أحق منه بها، أي: بهذا، فيخرج نفسه.
          قوله: (ولكنكم إن شئتم أخذت لكم) يريد: إنكم إن جعلتم الأمر إلي اخترت لكم.
          قوله: (منكم) يريد: ممن سماه عمر دونه، وتوليتهم النظر في ذلك لعبد الرحمن؛ لأنه أحق من قدم لذلك، فهو أحق بالتقديم لمثل هذا الأمر لا سيما وقد عزل نفسه، فعلم أنه إنما ينظر في الأصلح للمسلمين.
          وقول المسور: (طرقني عبد الرحمن) إلى قوله: اكتحلت هذه الثلاث بكبير نوم هكذا ينبغي لمن تكلف النظر في أمر مهم من أمور المسلمين أن يهجر فيه نومه وأهله.
          قوله: (فادع لي فلاناً الزبير وسعداً، ثم دعاني، فقال: ادع لي عليًّا)، إلى قوله: (وهو على طمع) هكذا ينبغي لئلا يتوقف عن حضور موطن الجمع.
          قوله: (ادع لي عثمان) ليرى ما عنده، فدعاه آخراً لئلا يمتنع من قبول ذلك.
          وقوله: (فلما صلى اجتمع أولئك الرهط عند المنبر) يريد: الذي جعل عمر الشورى بينهم.
          قوله: (وأرسل إلى أمراء الأجناد) أي: ليجتمع أهل الحل والعقد.
          قوله: (أما بعد يا علي) إلى آخره، كلامه لعلي دون من سواه لم يكن يطمع في ذلك الأمر مع وجود عثمان وعلي، وسُكوت من حضر دليل على رضاهم بعثمان، فعند ذلك قام عبد الرحمن فبايع عثمان، ولم يمكن علي إلا الدخول فيما دخل فيه الناس.
          قال والدي ⌂:
          (باب ترجمة الحكام).
          قوله: (خارجة) ضد الداخلة ابن زيد بن ثابت الأنصاري، و(كتاب اليهود) أي: كتابتهم يعني خطهم، و(كنت) بلفظ المتكلم.
          قوله: (هذه) إشارة إلى امرأة كانت حاضرة عندهم فترجم ابن حاطب بالمهملتين وكسر الثانية ابن أبي بلتعة بفتح الموحدة والفوقانية وسكون اللام بينهما وبالمهملة عنها لعمر ☺ بإخبارها عن فعل صاحبها بها وهي كانت نوبية بالنون والواو والموحدة وياء النسبة أعجمية من جملة عتقاء حاطب وقد زنت وحملت فأقرت أن ذلك من عبد اسمه مرغوس بالراء والمعجمة والواو، بدرهمين.
          قوله: (أبو جمرة) بالجيم والراء نصر بالمهملة الضبعي بضم المعجمة وفتح الموحدة.
          قوله: (من مترجمين) قال ابن قرقول بضم القافين في المطالع: أي: لا بد له ممن يترجم له عمن يتكلم بغير لسانه وذلك يتكرر فيتكرر المترجمون قال وعند بعضهم مترجمين بالتثنية واختلف هل هو من باب الخبر فيقتصر على واحد أو من باب الشهادة فلا بد من اثنين.
          قال مغلطاي المصري: كأنه يريد ببعض الناس الشافعي، وهو رد لقول من قال إن (خ) إذا قال قال بعض الناس: أراد به أبا حنيفة.
          أقول: غرضهم بذلك غالب الأمر أو في موضع تشنيع عليه وقبح الحال أو أراد به هاهنا أيضاً بعض الحنفية؛ لأن محمد بن الحسن قال بأنه لا بد من اثنين غاية ما في الباب أن الشافعي أيضاً قائل بذلك لكن لم يكن مقصوداً بالذات، ثم نقول الحق أن (خ) ما حرر المسألة إذ لا نزاع لأحد / أنه يكفي ترجمان واحد عند الإخبار ولا بد من اثنين عند الشهادة ففي الحقيقة النزاع في أنها إخبار أو شهادة حتى لو سلم الشافعي أنها إخبار لم يقل بالتعدد ولو سلم الحنفي أنها شهادة لقال به والصور المذكورة كلها إخبارات، أما المكتوبات فظاهر وأما قصة المرأة وقول أبي جمرة فأظهر فلا محل لأن يقال على سبيل الاعتراض قال بعض الناس: كذا بل السؤال يرد عليه أنه نصب الأدلة في غير ما ترجم عليه وهو ترجمة الحاكم إذ لا حكم فيها.
          قوله: (أبو سفيان) هو صخر بن حرب ضد الصلح الأموي، و(هرقل) بكسر الهاء وفتح الراء على المشهور قيصر الروم، و(في ركب) أي: جملتهم، و(الترجمان) بفتح التاء وضم الجيم وبفتحها وبضمها المفسر بلغة أخرى، و(ذكر الحديث) أي المتقدم في أول الجامع.
          فإن قلت: هرقل كان كافراً فلا حجة في فعله؟ قلت: قال بعضهم إنما ذكره ليدل أن الترجمان كان يجري عند الأمم مجرى الخبر.
          وأقول: وجه الاحتجاج أنه كان نصرانيًّا وشرع من قبلنا حجة ما لم ينسخ وعلى قول من قال بأنه أسلم فالأمر ظاهر.
          قوله: (محمد) قالوا هو ابن سلام، و(عبدة) ضد الحرة ابن سليمان، و(أبو حميد) بالضم عبد الرحمن، و(ابن اللتبية) بضم اللام وإسكان الفوقانية أو فتحها وكسر الموحدة(1) وياء النسبة وفي بعضها بدل اللام الهمزة عبد الله، و(بنو سليم) بالضم قبيلة.
          قوله: (فلأعرفن) بلام جواب القسم وفي بعضها فلا أعرفن بلفظ النهي، و(ما جاء الله) أي: محبة ربه وما مصدرية أو موصوفة أي: رجلاً جاء الله ورجل فاعل لنحو يجيء أو خبر مبتدأ، و(تيعر) بكسر المهملة وفتحها من اليعار وهو صوت الغنم، مر الحديث في الهبة وغيرها.
          قوله: (بطانة) بكسر الموحدة الصاحب الوليجة الدخيل والمطلع على السريرة وفسره (خ) بالدخلاء فجعله جمعاً، و(المشورة) بضم المعجمة وسكون الواو، و(أصبغ) بفتح الهمزة والموحدة وتسكين المهملة بينهما وبالمعجمة.
          قوله: (تحضه) بضم المهملة؛ أي: لكل نبي وخليفة جلساء صالحة وجلساء طالحة، و(المعصوم من عصمه الله) من الطالحة أو لكل منهما نفس أمارة بالسوء ونفس لوامة والمعصوم من أعطاه الله نفساً مطمئنةً أو لكل قوة ملكية وقوة حيوانية والمعصوم من رجح الله جانب الملكية، قال المهلب: غرضه إثبات الأمور لله تعالى فهو الذي يعصم من نزغات الشياطين والمعصوم من عصمه الله لا من عصمته نفسه.
          قوله: (سليمان) هو ابن بلال، و(يحيى) هو ابن سعيد الأنصاري، و(محمد) ابن عبد الله بن أبي عتيق بفتح المهملة وهو عطف على يحيى لكن الفرق بينهما بأن المروي في الطريق الأول هو الحديث المذكور بعينه وفي الثاني هو مثله، و(موسى) هو ابن عقبة بسكون القاف، و(أبو سلمة) هو عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف، و(الأوزاعي) عبد الرحمن، و(معاوية بن سلام) بالتشديد الدمشقي، و(عبد الله) ابن عبد الرحمن بن أبي حسين النوفلي، و(سعيد بن زياد) بكسر الزاي وخفة التحتانية المدني، و(عبيد الله) ابن أبي جعفر الأموي المصري، و(صفوان بن سليم) بالضم مولى آل ابن عوف فالحديث مرفوع من ثلاثة أنفس من الصحابة.
          قوله: (عبادة) بالضم وخفة الموحدة ابن الوليد ابن عبادة بن الصامت الأنصاري لم يتقدم، و(في المنشط والمكره) أي: فيما يفرح به وفيما يكرهه، و(أن لا تنازع) أي: وفي أن لا تقاتل الأمراء والأئمة قيل: كان هذا في بيعة العقبة الثانية.
          قوله: (عمرو) بالواو هو الصيرفي، و(خالد بن الحارث) الهجيمي مصغراً بالجيم، و(فيما استطعت) بصيغة الخطاب وفي بعضها: استطعتم، و(عبد الملك) ابن مروان الأموي.
          قوله: (هشيم) بالتصغير الواسطي، و(سيار) ضد الوقاف أبو الحكم بن وردان العنزي بالمهملة والنون المفتوحتين وبالزاي.
          قوله: (السمع) أي: على أن نسمع أوامره ونواهيه ونطيعه في ذلك امتثالاً وانتهاءً فزاد صلعم على سبيل التلقين أن أقول فيما استطعت، وهذا من كمال شفقته على الأمة وزاد أيضاً (والنصح لكل مسلم) وهو عطف على السمع.
          يحكى عن جرير ☺ أنه أمر مولاه / باشتراء فرس له فاشتراه فاشتراه بثلاثمائة وجاء به وبصاحبه لينقده الثمن فقال جرير لصاحب الفرس: فرسك خير من ثلاثمائة أتبيعنيه بأربعمائة قال ذلك إليك قال فرسك خير من ذلك فلم يزل يقول ذلك ويزيده إلى أن بلغ ثمانمائة فاشتراه بها وكان إذا قوم السلعة بصر المشتري عيوبها فقيل له إذا فعلت ذلك لم ينفذ لك البيع فقال: إنا بايعنا رسول الله صلعم على النصح لكل مسلم.
          قوله: (إلى عبد الله) فإن قلت: لم كرر إلى فقال أولاً إليه وثانياً إلى عبد الله ثم الأولى العكس؛ لأن المظهر هو الأصل قلت: ليس بتكرار إذ الثاني هو المكتوب لا المكتوب إليه أي كتب هذا وهو إلى عبد الله إلى آخره وتقديره من ابن عمر إلى عبد الله عبد الملك.
          قوله: (أن ابني) فإن قلت: الوالد كيف يفر من جهة الأولاد؟ قلت: هذا إخبار منه بإقرارهما السابق منهم.
          قوله: (حاتم) بالمهملة ابن إسماعيل، و(يزيد) بالزاي ابن أبي عبيد مصغر العبد، و(سلمة) بفتحتين ابن الأكوع، و(على الموت): أي على أن نقاتل بين يديه ونصبر فلا نفر حتى نموت.
          فإن قلت: تقدم أنهم بايعوا على السمع والطاعة وعلى الجهاد وعلى الصبر وعلى عدم الفرار وسيجيء قريباً أنهم بايعوا على بيعة النساء وعلى الإسلام ونحوه؟ قلت: المقامات مختلفة فإذا جاء الأعرابي ليسلم بايعه على الإسلام ولما كانوا في الحديبية مستعدين للقتال وفي صدده بايعوا على الصبر وعلى الموت، ولما كانوا في العقبة وهو أوائل الإسلام مؤسسين للقاعدة الكلية بايعوا على السمع والطاعة في كل شيء وعلى ما في آية بيعة النساء وهلم جرًّا.
          قوله: (عبد الله بن محمد بن أسماء) بوزن حمراء سمع عمه جويرية مصغر الجارية بالجيم ابن أسماء الضبعي وهما من الأعلام المشتركة بين الذكور والإناث، و(حميد) بالضم وليس في الجامع حميد بالفتح، و(المسور) بكسر الميم ابن مخرمة بفتحها وإسكان المعجمة، و(الرهط) الستة هم عثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن وكلهم من العشرة لما حضر عمر الموتُ وذلك في آخر ذي الحجة من سنة ثلاث وعشرين قيل له: استخلف فقال ما أحد أحق بهذا الأمر من هؤلاء الرهط الذين توفي رسول الله صلعم وهو عنهم راض، و(أنافسكم) أي: أرغب على وجه المباراة وأضن معكم، و(عن هذا الأمر) أي: من جهته ولأجله، و(لا يطأ عقبة) أي: عقب أحد من أولئك الخمسة أي: لا يمشي أحد خلفه.
          قوله: (هجع) بفتح الهاء أي: طائفة من الليل أو نومه، و(كثير) بالمثلثة، و(الاكتحال) مجاز عن النوم، و(إبهار) بالموحدة وشدة الراء من الابهرار وهو الانتصاف وتراكم الظلمة وبهرةُ الشيء وسطه، و(هو على طمع) أي: طمع الخلافة وتقدير الأمر عليه، و(شيئاً) أي: من المخالفة الموجبة للفتنة، و(وافوا) من قولهم وافيت العام أي: حججت ومن وافيت القوم أتيتهم، و(يعدلون بعثمان) من عدل فلاناً بفلان إذا سواه، و(لا تجعلن) من اختياري لعثمان على نفسك سبيلاً من الثقل والمخالفة أو الملالة ونحوهما، فقال عبد الرحمن مخاطباً لعثمان: أبايعك على كتاب الله وسنة رسوله وسيرة الخليفتين وفي هذه المعطوفات من الناس إلى آخره عطف الخاص على العام وبالعكس.
          الزركشي:
          (المشورة) بضم الشين وإسكانها.
          (المنشط والمكره) بفتح أولهما وثالثهما.
          (طرقني عبد الرحمن بعد هجع من الليل) أي: بعد طائفة منه.
          (حتى ابهار الليل) أي: مضى نصفه، وبهر كل شيء وسطه، انتهى كلام الزركشي.
          أقول:
          قوله: (كيف يبايع المبايعة عبر المعاقدة على الإسلام) والأمر والمعاقدة فإن كل واحد منهما باع ما عنده من صاحبه وأعطاه خالصة نفسه وطاعته ودخيل أمره وقد تكرر ذكرها في الحديث / .
          و(المنشط) مفعل من النشاط وهو الأمر الذي ينشط له ويخف إليه ويؤثر فعله وهو مصدر بمعنى النشاط والمكره ضده والطاعة الإذعان والانقياد.
          و(فيما استطعت) أي: أطعت وقدرت.
          قوله: (أمره أن يتعلم كتاب اليهود) قيل تعلم السريانية في سبعة عشر يوماً.
          قوله: (يخبرك بصاحبها الذي صنع بها) قيل هو صاحبه مرغُوس.
          و(بطانة الرجل) دخلاؤه ومن يختص به والبطانة أيضاً السريرة يسمى من يطلع على السريرة بطانة.
          قوله: (أرسل إلى أمرأ الأجناد) المراد بها: مدن الشام الخمس: فلسطين والأردن ودمشق وحمص وقنسرين.


[1] في هامش المخطوط: ((فيه نظر فإن المراد ما جاءت به الرسل لا ما فعلته أممهم اللهم إلا أن يكون فعله ناشئ عن رسول من الرسل)).