مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب: الحاكم يحكم بالقتل على من وجب عليه دون الإمام الذي فوقه

          ░12▒ باب الحاكم يحكم بالقتل على من وجب عليه دون الإمام الذي فوقه
          ثنا خالد الذهلي، ثنا الأنصاري.. إلى آخره.
          وحديث أبي موسى أنه ◙ بعثه وأتبعه بمعاذ.
          وعنه أن رجلاً أسلم ثم تهود، فأتاه معاذ الحديث.
          اختلف في هذا الباب، فقال ابن القاسم في ((المجموعة)): لا يقيم الحدود في القتل ولاة المياه، وليجلب إلى الأمصار ولا يقام القتل بمصر كلها إلا بالفسطاط أو يكتب إلى والي الفسطاط بذلك.
          وقال أشهب: من ولاه الأمير، وجعله والياً على بعض المياه وجعل ذلك إليه فليقم الحد في القتل والقطع وغيره، وإن لم يجعله إليه فلا يقيمه.
          وذكر الطحاوي عن أصحابه الكوفيين قال: لا يقيم الحدود إلا أمراء الأمصار وحكامها، ولا يقيمه عامل السواد ونحوه، وأن القاضي حكمه حكم الوكيل لا تنطلق يده إلا على ما أذن له فيه، وحكمه عند من خالفهم حكم الوصي، له التصرف في كل شيء.
          وذكر عن مالك: لا يقيم الحدود كل الولاة في الأمصار والسواد. وقال الشافعي: إذا كان الوالي عدلاً يضع الصدقة مواضعها فله عقوبة من غل الصدقة، وإن لم يكن عدلاً لم يكن له أن يعزره.
          روى الإسماعيلي في حديث الباب أنه لما قدم ◙ مكة كان قيس بن سعد في مقدمته بمنزلة صاحب الشرطة يتقدم في أموره، فكلم سعد رسول الله في قيس أن يصرفه عن الموضع الذي وضعه؛ فيه مخافة أن يقدم على شيء، فصرفه عن ذلك.
          قوله: (بمنزلة [صاحب] الشرط من الأمير) كذا في الأصول الشرطة والشرط بضم الشين وفتح الراء. ورأيت في كتاب ابن التين أنه بفتح الشين وضم الراء، وكأنه انعكس على الكاتب. قال الأصمعي: سموا شرطاً؛ لأنهم جعلوا لأنفسهم علامة يعرفون بها، الواحد شرط وشرطي. وقول أبي عبيدة: سموا شرطاً؛ لأنهم أعدوا. يقال: أشرط فلان نفسه لأمر كذا أعدها.
          وقتل أبي موسى المرتد؛ لأنه أقيم لهذا، وإذا وجب قتل بعراص مكة لم يقتل إلا بمدينتها، وكذلك المدينة وكل إقليم فيه بلد يرجع أمرهم إليه. وقد سلف الخلاف فيه.
          وفيه قتل المرتد من غير استتابة، قاله الداودي، وقال عبد العزيز: إن توبته غير مقبولة وفقهاء الأمصار على أنه يستتاب؛ لقوله تعالى: {قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ} الآية [الأنفال:38]، ولقوله ◙: ((أمرت / أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله)).
          ولأنه يجوز أن يكون عرضت له شبهة فإذا ذكر له الإسلام ورجع زالت عنه، فإن ثبت قتل إجماعاً؛ لقوله ◙: ((من بدل دينه فاقتلوه)).