مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب ما يكره من الحرص على الإمارة

          ░7▒ باب ما يكره من الحرص على الإمارة
          فيه حديث سعيد المقبري عن أبي هريرة أنه ◙ قال: ((ستحرصون على الإمارة، وستكون ندامة يوم القيامة)) الحديث.
          وقال محمد بن بشار: إلى آخره.
          ثم ساق حديث أبي موسى، وفيه ((إنا لا نولي هذا الأمر من سأله ولا من حرص عليه)).
          قال المهلب: حرص الناس على الإمارة ظاهر للعيان، وهو الذي جعل الناس يسفكون عليها دماءهم، ويستبيحون حريمهم، ويفسدون في الأرض حتى يصلون بالإمارة إلى لذاتهم ثم لا بد أن يكون فطامهم إلى السوء وتبيين الحال؛ لأنه لا يخلو أن يقتل عليها أو يعزل عنها وتلحقه الذلة، أو يموت عنها، فيطالب في الآخرة بالتبعات، فيندم حينئذ.
          والحرص الذي اتهم الشارع صاحبه ولم يدعه، هو أن يطلب من الإمارة ما هو قائم بغيره متواطئاً عليه، فهذا لا يجب أن يعان عليه ويتهم طالبه.
          وأما إن حرص على القيام بأمر ضائع من أمور المسلمين أو حرص على سد خلة فيهم وإن كان له أمثال في الوقت والعصر لم يتحركوا لهذا، فلا بأس أن يحرص على القيام بالأمر الضائع ولا يتهم هذا إن شاء الله، وبين هذا المعنى حديث خالد بن الوليد حين أخذ الراية من غير إمرة، ففتح له.
          ونعم وبئس: فعلان لا ينصرفان؛ لأنهما أزيلا عن موضعهما، فنعم مفعول من قولك: نعم فلان إذا أصاب نعمة، وبئس مفعول من بئس إذا أصاب بؤساً، فنقلا إلى المدح والذم، فشابها الحروف.
          وقيل: إنهما استعملا للحال بمعنى الماضي وفيها أربع لغات: نعم بفتح أوله وكسر ثانيه، وكسرهما، وسكون العين وكسر النون، وفتح النون وسكون العين نعم المرأة هند وإن شئت قلت: نعمت المرأة هند.
          وحرص بفتح الراء. قال تعالى: {وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} [يوسف:103].
          وقال الداودي: نعم المرضعة في الدنيا بشرها وبئست الفاطمة؛ أي: إذا مات صار إلى الشر كالذي يفطم قبل استغنائه، فيكون فيه هلاكه.
          قال: وفي حديث أبي موسى أنه لم يكن ليختار لأحدهما ما لا خير فيه.