الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب بعث النبي أسامة بن زيد في مرضه الذي توفي فيه

          ░87▒ (باب: بعث النَّبيِّ صلعم أسامةَ بن زيد...) إلى آخره
          إنما أخَّر المصنِّف هذه التَّرجمة لما جاء أنَّه كان تجهيز أسامة يوم السَّبت قبل موت النَّبيِّ صلعم بيومين، وكان ابتداء ذلك قبل مرض النَّبيِّ صلعم فندب النَّاس / لغزو الرُّوم في آخر صفر، ودعا أسامة فقال: ((سر إلى موضع مقتل أبيك فأوطئهم الخيل، فقد ولَّيتك هذا الجيش، وأغرْ صباحًا على أُبْنى، وحرِّق عليهم، وأسرع المسير تسبق الخبر(1)، فإنْ ظفَّرك الله بهم فأقلَّ اللُّبْث فيهم)).
          فبدأ برسول الله صلعم وجعه في اليوم الثَّالث، فعقد لأسامة لواءً بيده، فأخذه أسامة فدفعه إلى بريدة وعسكر بالجرف، وكان ممَّن انتُدب مع أسامة كبار المهاجرين والأنصار، منهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة وسعد وسعيد، فتكلَّم في ذلك قوم منهم عياش بن أبي ربيعة المخزوميُّ، فردَّ عليه عمر، وأخبر النَّبيَّ صلعم فخطب بما ذُكر في هذا الحديث.
          ثمَّ اشتدَّ برسول الله صلعم وجعُه فقال: ((أنفذوا بعث أسامة)) فجهَّزه أبو بكر بعد أن استُخلف، فسار عشرين ليلةً إلى الجهة الَّتي أُمر بها، وقَتل قاتِلَ أبيه، ورجع بالجيش سالمًا وقد غنموا، وقد قصَّ أصحاب المغازي قصَّة مطوَّلة فلخَّصتها، وكانت آخرَ سريَّة جهَّزها النَّبيُّ صلعم، وأوَّلَ شيءٍ جهَّزه أبو بكر رضي الله تعالى عنه، وقد أنكر ابن تيمية في «كتاب الرَّدِّ على ابن المطهر» أن يكون أبو بكر وعمر كانا في بعث أسامة; ومستند ما ذكره ما أخرجه الواقديُّ بأسانيده في المغازي وذكره ابن سعد في أواخر التَّرجمة النَّبويَّة بغير إسناد، وذكره ابن إسحاق في «السِّيرة المشهورة»... إلى آخر ما ذكر الحافظ.
          وعند الواقديِّ أيضًا: أنَّ عدَّة ذلك الجيش كانت ثلاثة آلاف فيهم سبع مئة مِنْ قريش، وفيه عن أبي هريرة: ((كانت عدة الجيش سبع مئة)). انتهى مِنَ «الفتح».


[1] في (المطبوع): ((الخير)).