الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب حديث الإفك

          ░34▒ (باب: حَدِيثِ الإِفْك)
          قد تقدَّم وجه مناسبة إيراده هنا مِنْ أنَّ قصَّة الإفك كانت في غَزوَة المُرَيْسِيع (1).
          قوله: (والإفْك) بكسر الهمزة وفتحها مع سكون الفاء فيهما (بمنزلة النِّجْس)_بكسر النُّون وسكون الجيم_ (والنَّجَس) بفتحها. انتهى مِنَ القَسْطَلَّانيِّ.
          وقالَ العَينيُّ أشار بهما إلى أنَّهما لغتان:
          الأولى: الإفْك_بكسر الهمزة وسكون الفاء_ كالنِّجْس بكسر النُّون وسكون الجيم.
          والثَّانية: الأَفَك_بفتح الهمزة والفاء معًا_ كالنَّجَس بفتحتين، والأولى هي اللُّغة المشهورة، وقوله: (بمنزلة النِّجْس) أي: في الضَّبط وكونها(2) لغتين. انتهى.
          وهذا هو الصَّواب، وما قالَ القَسْطَلَّانيُّ في ضبط الإفك بسكون الفاء فيهما نظر كما لا يخفى.
          قوله: (يقال: إِفْكُهم وأَفَكُهم) قال الحافظ: أي: في قوله تعالى: {بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} [الأحقاف:28] فقُرئ في المشهور بكسر الهمزة وسكون الفاء وبضمِّ الكاف، وأمَّا بالفتحات فقُرِئ بالشَّاذِّ، وهو / عن عكرمةَ وغيرهِ بثَلَاث فَتَحات فعلًا ماضيًا، أي: صَرَفَهم.
          ثمَّ ذكر المصنِّف حديث الإفك بطوله مِنْ طريق صالح بن كيسان عن ابن شهاب، وقد تقدَّم بطوله في الشَّهادات مِنْ طريق فليح عن ابن شهاب، وسيأتي في التَّفسير أيضًا، وذكر المصنِّف بعد سياقه قصَّة الإفك أحاديث تتعلَّق بها. انتهى.
          وفي «الفيض»: فائدة: والحكمة الإلهيَّة في إجراء تلك القصَّة في بيت النُّبوَّة بيان صبر النَّبيِّ صلعم وثباته على أحكام الشَّرع وعدم مجاوزته عن الحدود، فإنَّ سَعْدًا لمَّا سَأَل النَّبيَّ صلعم عن رجلٍ يرى على امرأته رجلًا، ولم يجد عليه بيِّنَة كيف يفعل؟ قال له: إنَّه يأتي ببيِّنَةٍ أو يُحَدُّ حدَّ القَذف، فقال له سعد: ولكن والله أضربه بالسَّيف غَير مُصْفِح، فقال النَّبيُّ صلعم: انظروا إلى غَيْرَة سعد وأنا أَغْيَر منه واللهُ أَغْيَرُ منِّي، ثمَّ نزل اللِّعان فكشف الله سبحانه أنَّه لم يقُلْهُ لسَعْد فَقَط، بلْ لمَّا ابْتُلِيَ به ترقَّبَ الوحيَ بنفْسِه أيضًا، ولم يَعْجَل في أمره، ولا احتَالَ لدرئه، ثمَّ إنِّي أجد أنَّه ما مِنْ نبيٍّ إلَّا وقد ابتُلي مِنْ جهة النِّساء أيضًا... إلى آخر ما ذكر.


[1] فتح الباري:7/435
[2] في (المطبوع): ((وكونهما)).