الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب قدوم الأشعريين وأهل اليمن

          ░74▒ (باب: قُدُوم الأَشْعَرِيِّيِن وأهْلِ اليَمَن)
          هو مِنْ عطف العامِّ على الخاصِّ لأنَّ الأشعريِّين مِنْ أهل اليمن، ومع ذلك ظهر لي أنَّ في المراد بأهل اليمن خصوصًا آخر وهو ما سأذكره مِنْ قصَّة نَافِع بنِ زَيْد الحِمْيَريِّ، أنَّه قدم وافدًا في نفر من حِمْير، وبالله التَّوفيق.
          ثم قال: كان قدوم أبي موسى عند فتح خيبر لمَّا قدم جعفر بن أبي طالب، وقيل: إنَّه قدم عليه بمكَّة قبل الهجرة ثمَّ كان ممَّن هاجرا(1) إلى الحبشة الهجرة الأولى، ثمَّ قدم الثَّانية صحبة جعفر، والصَّحيح أنَّه خرج طالبًا المدينة في سفينة فألقتهم الرِّيح إلى الحبشة فاجتمعوا هناك بجعفر ثمَّ قدموا صحبته، وعلى هذا فإنَّما ذكره البخاريُّ هاهنا ليجمع ما وقع على شرطه مِنَ البعوث والسَّرايا والوفود، ولو تباينت تواريخهم، ومِنْ ثَمَّ ذَكر غزوة سِيفِ البَحْر مع أبي عُبَيْدة بن الجرَّاح وكانت قبل فتح مكَّة بمدَّة، وكنت أظنُّ قوله: (وأهلِ اليَمَن) بعدَ الأَشْعَرِيِّين مِنْ عطف العامِّ على الخاصِّ، ثمَّ ظهر لي أنَّ لهذا العام خُصُوصًا أيضًا، وأنَّ المُراد بهم بعض أهل اليمن وهم وفد حِمْيَر، فوَجَدْت في «كتاب الصَّحابة» لابن شاهين مِنْ طريق إياس بن عُمَيْر الحِمْيَريِّ أنَّه قدم وافدًا على رسول الله صلعم في نفَرٍ مِنْ حِميَر فقالوا: ((أَتَيْنَاك لِنَتَفَّقه في الدِّين))... الحديث، وقد ذكرتُ فوائده في أوَّل بدء الخلق، وحاصله أنَّ التَّرجمة مشتملة على طائفتين، وليس المراد اجتماعهما في الوفادة، فإنَّ قدوم الأشعريِّين كان مع أبي موسى في سنة سبع عند فتح خيبر، وقدوم وفد حمير في سنة تسع وهي سنة الوفود، ولأجل هذا اجتمعوا مع بني تميم، وقد عقد محمَّد بن سعد في التَّرجمة النَّبويَّة مِنَ «الطَّبقات» للوفود بابًا، وذكر فيه القبائل مِنْ مضر ثمَّ مِنْ ربيعة ثمَّ مِنَ اليمن وكاد يستوعب ذلك بتلخيص حسن، وكلامه أجمع ما يوجد في ذلك، مع أنَّه ذكر وفد حِمْير ولم يقع له قصَّة نافع بن زيد الَّتي ذكرتها. انتهى كلُّه مِنَ «الفتح».


[1] في (المطبوع): ((هاجر)).