الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب غزوة أنمار

          ░33▒ (باب: غَزْوَةِ أَنْمَار)
          تقدَّم بعض ما يتعلَّق به في أوَّل الباب السَّابق، وتقدَّم أيضًا مِنْ كلام الحافظ أنَّ محلَّ هذا الباب قبل غزوة بني المُصْطَلِق وغير ذلك.
          قال الحافظ: ولم يذكر أهل المغازي غزوة أنمار، وذكر مغلطائي(1): أنَّها غزوة (أَمِر) بفتح الهمزة وكسر الميم، فقد ذكر ابن إسحاق أنَّها كانت في صَفر، وعند ابن سعد: ((قدم قادم بجَلْبٍ(2) فأخبر أنَّ أنمار وثعلبة قد جمعوا لهم فخرج لعشرٍ خلون مِنَ المحرَّم، فأتى مَحَلَّهم بذات الرِّقاع)) وقيل: إنَّ غزوة أنمار وقعت في أثناء غزوة بني المُصْطَلِق لِما روى أبو زبير عن جابر: ((أرسلني رسول الله صلعم وهو منطلق إلى بني المصْطَلِق فأتيته وهو يصلِّي على بعير))... الحديث، ويؤيِّده رواية اللَّيث عن القاسم بن محمَّد: ((أنَّ النَّبيَّ صلعم صلَّى في غزوة بني أَنْمَار صلاة الخوف)) ويحتمل أنَّ رواية جابر لصلاته صلعم تعدَّدت. انتهى.
          قلت: وما حكى الحافظ ممَّا قيل: إنَّ غزوة أنمار وقعت في أثناء غزوة بني المُصْطَلِق لعلَّه لهذا ذكرها البخاريُّ بين هذين البابين.
          وقالَ القَسْطَلَّانيُّ في غزوة أنمار: وقد يقال: غزوة بني أنمار وهي قبيلة، ولم يزد القَسْطَلَّانيُّ في شرح التَّرجمة على هذا، وقال بعد ذكر حديث الباب: هذا الحديث قد مرَّ في (باب: صلاة التَّطوُّع على الدَّوابِّ) وفي (باب: ينزل للمكتوبة) وليس فيه ذكر قصَّة أنمار فلا معنى لذكره هنا(3) على ما لا يخفى. انتهى.
          قلت: قد أخرج مالك في «موطَّئه» حديث جابر هذا أنَّه قال: ((خرجنا مع رسول الله صلعم في غزوة بني أنمار، قال جابر: فبينا أنا نازلٌ تحت الشَّجرة إذا رسولُ الله صلعم، قال: فقلت: يا رسول الله هلمَّ(4) إلى الظِّلِّ)) (5)... الحديث، وبسطت في شرحه الكلام على مصداق هذه الغزوة في «الأوجز»، وفيه وفيما ألَّفته في «الوقائع والدُّهور» في السَّنة الثَّالثة مِنَ الهجرة: قالَ الطَّبَريُّ: لمَّا رجع رسول الله صلعم مِنْ غزوة السَّويق أقام بالمدينة بقيَّة ذي الحجَّة والمحرَّم، ثمَّ غزا نجدًا يريد غَطَفان، وهي غزوة ذي أَمِر، فأقام بنجدٍ صَفَرًا(6) كلَّه ثمَّ رجع ولم يلْقَ كيدًا، وفي «الخميس»: سمَّاها الحاكم غزوة أنمار، وهكذا في «المجمع».
          وقال صاحب «المحَلَّى»: غزوة بني أنمار، يعني: أنمار بن يعيض (7) وهم قبائل في العرب وتلك الغزوة اشتُهرت بذات الرِّقاع وكانت قبل الخندق بعد النَّضِير... إلى آخر ما قال.
          وقالَ الزُّرْقانيُّ: غزوة بني أنمار بناحية نجد في سنة ثلاث مِنَ الهجرة، وهي غزوة غطفان، وتعرف بذي أَمِر، وسببُها أنَّ جمعًا مِنْ بني ثعلبة ومحارب تجمَّعوا يريدون أن يصيبوا مِنْ أطراف رسول الله صلعم فخرج إليهم فلمَّا سمعوا بذلك هربوا في رؤوس الجبال فرقًا ممَّن نُصر بالرُّعب فرجَعَ ولم يلْقَ حربًا.
          وفي «البداية والنِّهاية»: في السَّنة الثَّالثة في أوَّلها كانت غزوة نجد ويقال لها: غزوة ذي أَمِر، فذكر القصَّة.
          وفي «طبقات ابن سعد»: غزوة رسول الله صلعم غطفان إلى نجد، وهي غزوة ذي أَمِر في شهر ربيع الأوَّل على رأس خمس وعشرين شهرًا مِنْ مُهَاجَرِه صلعم فذكر القصَّة.


[1] في (المطبوع): ((مغلطاي)).
[2] في (المطبوع): ((بحلب)).
[3] في (المطبوع): ((هاهنا)).
[4] في (المطبوع): ((علم)).
[5] موطأ الإمام مالك، كتاب اللباس، باب ما جاء في لبس الثياب...، رقم1
[6] في (المطبوع): ((الصفر)).
[7] هكذا في الأصل، وعند ابن حزم: بغيض بن ريث بن غطفان وأولاده أنمار وعبس وذبيان، (جمهرة الأنساب:1/250) وانظر جوامع السيرة ص 182