الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب قتل أبي رافع عبد الله بن أبي الحقيق

          ░16▒ (باب: قَتْل أبي رَافِع...) إلى آخره
          كتب الشَّيخ قُدِّس سرُّه في «اللَّامع»: وكان قبل إجلاء بني النَّضِير في حوالي المدينة، فلمَّا أجْلَاهم النَّبيُّ صلعم نزل ابن أبي الحُقَيق هذا خيبر، فلا منافاة بينهما، وهما صحيحان إن أريد بالكون مطلقُه، وإن كان غرض المؤلِّف بيان كونه عند القتل والاختلاف فيه فلا يمكن جمعهما، ولا وجه [حينئذٍ] لصحَّة القول الثَّاني. انتهى.
          وفي «هامشه»: في «مجمع البحار»: في السَّنة السَّادسة قتل أبي رافع عبد الله بن أبي الحُقيق. انتهى.
          وفي «المواهب» و«شرحه» للزُّرقانيِّ: سريَّة عبد الله بن عتيك_بفتح العين المهملة وبالكاف_ الخزرجيِّ مِنْ بني سلمة لقتل أبي رافع عبد الله_ويقال سلَّام بشدِّ اللَّام_ ابن أبي الحُقيق اليهوديِّ_بضمِّ المهملة وقافين مصغَّر_ حكى البخاريُّ القولين في اسمه ممرِّضًا الثَّانيَ، وجزم ابن إسحاق بأنَّ اسمه سلام، وتبعه اليَعْمُريُّ، وهو الَّذِي حزَّب الأحزاب على محاربته صلعم يوم الخندق، وكانت هذه السَّريَّة في رمضان سَنة ستٍّ كما ذكره ابن سعد هاهنا، وذكر في ترجمة ابن عَتِيك أمير السَّريَّة أنَّه بعثه في ذي الحجَّة إلى أبي ربيع(1) سَنة خمس بعد وقعة بني قُرَيظة، ومشى عليه ابن إسحاق، فذكرها بعد قُرَيظة، وقيل: في جمادى الآخرة سَنة ثلاث، وقيل: في رجب سَنة ثلاث، وقيل: في ذي الحجَّة سَنة أربع، وفي البخاريِّ: قال الزُّهريُّ: بعد قتل كعب بن الأشرف، وهذا يقرب القول: إنَّه في جمادى الآخرة سَنة ثلاث.
          قال الحافظ: وبيَّن ابنُ إسحاق أنَّ الزُّهريَّ أخذ ذلك عن ابن كعب فقال: لمَّا قتلت الأوسُ كعب بن الأشرف استأذنت الخزرج في قتل سلام بن أبي الحُقيق، وكان ممَّا صنع الله لرسوله أنَّ الأوس والخزرج كانا يتصَاوَلان مع رسول الله صلعم تصَاوُل الفَحْلَين، لا تصْنَع الأوسُ شيئًا فيه عنه صلعم غَنَاءً إلَّا قالت الخزرج: والله لا يذهبون بهذه فضلًا علينا عند رسول الله صلعم، ولمَّا أصابت الأوسُ كعب بن الأشرف، قالت الخزرج: والله لا يذهبون بهذه فضلًا علينا أبدًا، فتذاكروا مَنْ رَجلٌ لرسول الله صلعم في العداوة كابن الأشْرف، فذكروا ابن أبي الحُقيق، فاستأذنوه صلعم في قتله فأذن لهم فخرج إليه مِنَ الخزرج مِنْ بني سلمة خمسةٌ. انتهى مِنْ «هامش اللَّامع».
          قلت: قد تقدَّم الأقوال في زمان قتله، وأكثر أهل السِّير على أنَّ قتله كان في سَنة ستٍّ، فلذا ذكره(2) صاحب «مجمع البحار» وصاحب «تاريخ الخميس» في وقائع السَّنة السَّادسة، وكذا ذكره ابن سعد في موضعٍ سَنةَ ستٍّ، وفي موضعٍ آخر سَنة خمس كما تقدَّم، ويُشْكِل على هذا ذكرُه قبل غزوة أحد، فإنَّه(3) في شوَّالٍ سَنة ثلاث، كما سيأتي.
          ويمكن الجواب عنه بأنَّ المصنِّف ☼ مال فيه إلى ما حكاه هو عن الزُّهْريِّ، وهو أنَّ قتله كان بعد كعب بن الأشرف، وقد تقدَّم عن الحافظ أنَّ هذا يقرِّب القول: إنَّه في جمادى الآخرة سَنة ثلاث، وهو أقلُّ ما قيل في زمان قتله، وأيضًا لذكره بعد قتل كعب مناسبة، وهو أنَّ قتل كعب كان سببًا لقتله كما تقدَّم في بيان تصَاوُل الأوس والخزرج معه صلعم.


[1] في (المطبوع): ((رافع)).
[2] في (المطبوع): ((ذكروا)).
[3] في (المطبوع): ((فإنها)).