الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب آخر ما تكلم النبي صلعم

          ░84▒ (باب: آخر ما تكلَّم النَّبيُّ صلعم)
          قالَ العَينيُّ: أي: عند طلوع روحه الكريم. انتهى.
          وقال الحافظ: ذكر فيه حديث عائشة، وقد شرح في الحديث السَّابع مِنَ الباب الَّذِي قبله. انتهى.
          وقال في الباب الَّذِي قبله: قوله: {مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} في رواية المطَّلب عن عائشة عند أحمد: فقال: ((مع الرَّفيق الأعلى {مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ} إلى قوله: {رَفِيقًا} [النِّساء:69])) وفي رواية عند النَّسائيِّ وصحَّحه ابن حبَّان فقال: ((أسأل الله الرَّفيق الأعلى الأسعد مع جبريل وميكائيل وإسرافيل)) وظاهره أنَّ الرفيقَ المكانُ الَّذِي تحصل المرافقة فيه مع المذكورين، وهذه الأحاديث تَرِدُ على مَنْ زعم أنَّ (الرَّفيق) تغيير مِنَ الرَّاوي وأنَّ الصَّواب: الرَّقيع_بالقاف والعين المهملة_ وهو مِنْ أسماء السَّماء، وقال الجَوهريُّ: الرَّفيق الأعلى: الجنَّة، وقيل: بل الرَّفيق هاهنا اسم جنس يشمل الواحد وما فوقه، والمراد الأنبياء ومَنْ ذُكر في الآية، ونكتة الإتيان بهذه الكلمة بالإفراد / الإشارة إلى أنَّ أهل الجنَّة يدخلونها على قلبِ رجلٍ واحدٍ، نبَّه عليه السُّهَيليُّ، وزعم بعض المغاربة أنَّه يحتمل أن يراد بالرَّفيق الأعلى اللهُ ╡، لأنَّه مِنْ أسمائه كما أخرج أبو داود مِنْ حديث عبد الله بن مغفل رفعه: ((أنَّ الله رفيقٌ يحبُّ الرِّفق)) كذا اقتصر عليه، والحديث عند مسلم عن عائشة فعَزْوُه إليه أَولى، قال السُّهَيليُّ: الحكمة في اختتام كلام المصطفى بهذه الكلمة كونها تتضمَّن التَّوحيد والذِّكر بالقلب حتَّى يستفاد منه الرُّخصة لغيره أنَّه لا يشترط أن يكون الذِّكر باللِّسان، لأنّ بعض النَّاس قد يمنعه مِنَ النُّطق مانعٌ فلا يضرُّه إذا كان قلبه عامرًا بالذِّكر. انتهى ملخَّصًا.
          ثم قال الحافظ هاهنا في هذا الباب: وكأنَّ عائشة أشارت إلى ما أشاعته الرَّافضة أنَّ النَّبيَّ صلعم أوصى إلى عليٍّ بالخلافة وأن يوفي ديونه، وقد أخرج العقيليُّ وغيره في «الضُّعفاء» عن سلمان أنَّه قال: قلت: ((يا رسول الله إنَّ الله لم يبعث نَبِيًّا إلَّا بيَّن له مَنْ يلي بعده فهل بيَّن لك؟ قال: نعم عليُّ بن أبي طالب)) ومِنْ طريق آخر عنه قلت: ((يا رسول الله مَنْ وصيُّك؟ قال: وصيِّي وموضعُ سرِّي وخليفتي على أهلي وخيرُ مَنْ أُخْلِفُه بعدي عليُّ بن أبي طالب)) كرَّم الله وجهه، ومِنْ طريق آخر: ((لكلِّ نبيٍّ وصيٌّ وإنَّ عليًّا وصيِّي وولدي)) وفي رواية عن أبي ذرٍّ رفعه: ((أنا خاتم النَّبيِّين وعليٌّ خاتم الأوصياء)) أوردها وغيْرَها ابنُ الجوزيِّ في «الموضوعات». انتهى.
          ويأتي في «كتاب الدَّعوات»: (باب: دعاء النَّبيِّ صلعم: اللَّهمَّ الرَّفيق الأعلى).