الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب شهود الملائكة بدرا

          ░11▒ (باب: شُهُود المَلائِكَة بَدْرًا)
          تقدَّم القول في ذلك قبل: (باب: قوله تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ} [الأنفال:9]).
          قال الحافظ: أخرج يونس بن بكير في «زيادات المغازي» والبيهقيُّ مِنْ طريق الرَّبيع بن أنس قال: ((كان النَّاس يوم بدر يَعْرِفون قتلى الملائكة مِنْ قتلى النَّاس بضربٍ فَوق الأَعْناق وعلى البَنان مثلِ وَسْمِ النَّار)).
          وفي «مسند إسحاق» عن جُبير بن مُطْعِم قال: رأيت قبل هزيمة القوم ببدر مثلَ النِّجَاد(1) الأسود أقبل مِنَ السَّماء كالنَّمل، فلم أشكَّ أنَّها الملائكة، فلم يكن إلَّا هزيمةُ القوم.
          وعند مسلم مِنْ حديث ابن عبَّاسٍ: ((بينما رَجل مسلمٌ يشتدُّ في أثر رَجل مشركٍ إذ سمع ضربةً بالسَّوْط فوقَه، وصوت الفارس))... الحديث، وفيه: ((فقال النَّبيُّ صلعم: ذَلِكَ مَدَد مِنَ السَّماء الثَّالثة)).
          ووقع عند البَيْهَقيِّ مِنْ طريق ابن محمَّد بن جُبير بن مُطْعِم أنَّه سمع عليًّا يقول: ((هبَّت ريح شديدة لم أرَ مثلها، ثمَّ هبَّت ريح شديدة_ وأظنُّه ذكر ثالثةً_ فكانت الأُولى جبريل، والثَّانية ميكائيل، والثَّالثة إسرافيل، وكان ميكائيل عن يمين النَّبيِّ صلعم وفيها أبو بكر، وإسرافيل عن يساره وأنا فيها)).
          ومِنْ طريق أبي صالح عن عليٍّ قال: قيل لي ولأبي بكر يوم بدر: ((قِيلَ لِي وَلِأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ يَوْمَ بَدْرٍ(2): مَعَ أَحَدِكُمَا جِبْرِيلُ، وَمَعَ الْآخَرِ مِيكَائِيلُ، وَإِسْرَافِيلُ مَلَكٌ عَظِيمٌ يَشْهَدُ الْقِتَالَ أَوْ يَقِفُ فِي الصَّفِّ(3)) وأخرجه أحمد، وصحَّحه الحاكم، والجمع بينه وبين الَّذِي قبله ممكنٌ.
          قال الشَّيخ تقيُّ الدِّين السُّبْكيُّ: سُئلت عن الحكمة في قتال الملائكة مع النَّبيِّ صلعم مع أنَّ جبريل قادر على أن يدفع الكفَّار بريشة مِنْ جناحه؟ فقلت: وقع ذلك لإرادة أن يكون الفعلُ للنَّبيِّ صلعم وأصحابه، وتكون الملائكة مددًا على عادة مدد الجيوش رعايةً لصورة الأسباب وسنَّتِها الَّتي أجراها الله تعالى في عباده، والله تعالى هو فاعل الجميع(4)، والله أعلم.


[1] في (المطبوع): ((النجا و)).
[2] قوله: ((قِيلَ لِي وَلِأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ يَوْمَ بَدْرٍ)) ليس في (المطبوع).
[3] في (المطبوع): ((يحضر الصف ويشهد القتال)) بدل قوله: ((يَشْهَدُ الْقِتَالَ أَوْ يَقِفُ فِي الصَّفِّ)).
[4] فتح الباري:7/312