الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب وفاة النبي صلعم

          ░85▒ (باب: وفاة النَّبيِّ صلعم)
          قال الحافظ: أي: في أيِّ سنين(1) وقعت؟ وكذا قالَ العَينيُّ وزاد: وفي بعض النُّسخ: <باب: وفاة النَّبيِّ صلعم ومتى تُوفِّي وابن كم؟>. انتهى مِنَ العينيِّ.
          قلت: وبهذا اندفع توهُّم تكرار التَّرجمة بما تقدَّم مِنْ مرضه صلعم ووفاته كما لا يخفى، قال الحافظ: قوله: (لبث بمكَّة عشر سنين...) إلى آخره، هذا يخالف المرويَّ عن عائشة عقبه أنَّه عاش ثلاثًا وستِّين، إلَّا أن يحمل على إلغاء الكسر، وكثر(2) ما قيل في عمره أنَّه خمس وستُّون سنة، أخرجه مسلم وأحمد عن ابن عبَّاسٍ، وهو مغاير لحديث الباب، لأنَّ مقتضاه أن يكون عاش ستِّين إلَّا أن يحمل على إلغاء الكسر، أو على قول مَنْ قال: إنَّه بُعث ابنَ ثلاث وأربعين، وهو مقتضى ما رُوي عن ابن عبَّاسٍ أنَّه مكث بمكَّة ثلاث عشرة، ومات ابن ثلاث وستِّين، وفي رواية عنه: لبث بمكَّة ثلاث عشرة وبُعث لأربعين، ومات وهو ابن ثلاث وستِّين، وهذا موافق لقول الجمهور، والحاصل أنَّ كلَّ مَنْ روى(3) عنه مِنَ الصَّحابة ما يخالف المشهور_وهو ثلاث وستُّون_ جاء عنه المشهور، وهم ابن عبَّاسٍ وعائشة وأنس، ولم يُختَلَف على معاوية أنَّه عاش ثلاثًا وستِّين، وبه جزم سعيد بن المسيِّب والشَّعبيُّ ومجاهد، وقال أحمد: هو الثَّبْت عندنا، وقد جمع السُّهيليُّ بين القولين بوجهٍ آخر، وهو أنَّ مَنْ قال: مكث ثلاث عشرة عدَّ مِنْ أوَّل ما جاءه الملَكُ بالنُّبوَّة، ومَنْ قال: مكث عشرًا أخذ ما بعد فترة الوحي ومجيء الملك بـ{يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} [المدثر:1] ومِنَ الشُّذوذ ما رواه عمر بن شبَّة أنَّه عاش إحدى أو اثنتين وستِّين، ولم يبلغ ثلاثًا وستِّين، وكذا رواه ابن عساكر أنَّه عاش اثنتين وستِّين ونصفًا وخذا(4) يصحُّ على قول مَنْ قال: وُلد في رمضان، وهو شاذٌّ. انتهى مختصرًا.
          وتقدَّم شيء مِنْ ذلك في (باب: مبعث النَّبيِّ صلعم).


[1] في (المطبوع): ((السنين)).
[2] في (المطبوع): ((وأكثر)).
[3] في (المطبوع): ((رُوي)).
[4] في (المطبوع): ((وهذا)).