الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب قول الله تعالى: {ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم}

          ░54▒ (باب: قول الله تعالى: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ} [التَّوبة:25] إلى قوله: {وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التَّوبة:27] (1))
          قال الحافظ: وقع في رواية النَّسفي <باب: غَزْوَة حُنَيْن، / وقول الله ╡...> إلى آخره، وحُنَيْن_بمهملة(2) ونون مُصَغَّر_: وادٍ إلى جَنْب ذي المجاز قريبٌ مِنَ الطَّائف بينه وبين مكَّة بضعة عشر ميلًا مِنْ جهة عرفات، قال أبو عبيد البكريُّ: سُمِّيَ باسم حُنَيْن بن قَابِثَة، قال أهل المغازي: خرج النَّبيُّ صلعم إلى حُنين لسِتٍّ خلت مِنْ شوَّالٍ، وقيل: لليلتين بقيتا مِنْ رمضان، وجَمَع بعْضُهم بأنَّه بدأ بالخروج في أواخر رمضان وسار سادس شوَّالٍ، وكان وصُوله إليها في عاشره، وكان السَّبب في ذلك أنَّ مالك بن عوف النَّضْريَّ جمع القبائل مِنْ هَوَازن ووَافَقَه على ذلك الثَّقَفيُّون، وقَصَدوا محاربة المسلمين فبلغَ ذلك النَّبيَّ صلعم فخرج إليهم، قال عمر بن شَبَّة في «كتاب مكَّة» بسنده عن عروة: إنَّه كتب إلى الوليد: أمَّا بعدُ فإنَّك كَتَبْت إليَّ تسألني عن قصَّة الفتح، فذكر له وقْتَها، فأقام عامئذٍ بمكَّة نصفَ شهر، ولم يَزِد على ذلك، حتَّى أتاه أنَّ هَوازِن وثَقِيفًا قد نزلوا حُنَيْنًا يُريدون قتال رسول الله صلعم، وكانوا قد جمعوا إليه رئيسُهم(3) عَوفُ بنُ مَالك، ولأبي داود بإسناد حسن مِنْ حديث سهل بن الحنظليَّة أنَّهم ساروا مع النَّبيِّ صلعم إلى حُنَين فأَطْنَبوا السَّير فجاء رجل فقال: إنِّي انطلقت مِنْ بين أيديكم حتَّى طَلَعْت جَبَل كذا وكذا، فإذا أنا بهَوَازِن عن بَكْرَة أَبيهم بظُعُنِهم ونَعَمِهم وشَاتِهم(4)، قد اجتمعوا إلى حنين فتبسم رسول الله صلعم وقال: ((تلك غَنِيمَة المسلمين غدًا إن شاء الله تعالى)) وعند ابن إسحاق مِنْ حديث جابر ما يدلُّ على أنَّ هذا الرَّجل هو عبد الله بن حَدَّاد(5) الأَسْلَميُّ. انتهى مِنَ «الفتح».
          وقالَ القَسْطَلَّانيُّ: وكان المسلمون اثني عشر ألفًا، وهَوازن وثقيف أربعة آلاف، وقد روى يُونُس بن بُكَير في «زيادات المغازي» قال: قال رجل يوم حُنَيْن: لن نُغْلَب اليوم مِنْ قِلَّة، فشَقَّ ذلك على النَّبيِّ صلعم، فكانت الهزيمة.
          وقال في «فتوح الغيب»: هذا مِنْ حيثُ الظَّاهر ليس كلمة إعجاب لكنَّها كنايةٌ عنها، فكَأَنَّه قال: ما أكثر عدَدَنا! فذلك قوله تعالى: {إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ} الآية [التَّوبة:25]. انتهى.


[1] في (المطبوع): ((إلى آخره)) بدل قوله: ((إلى قوله: {وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التَّوبة:27])).
[2] في (المطبوع): ((مهملة)).
[3] في (المطبوع): ((ورئيسهم)).
[4] في (المطبوع): ((وشائهم)).
[5] في (المطبوع): ((حدرد)).