الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب تسمية من سمي من أهل بدر

          ░13▒ (باب: تَسْمِية مَنْ سُمِّيَ مِنْ أهل بَدْرٍ)
          كتب الشَّيخ في «اللَّامع»: أشار بذلك إلى تفصيل مَنْ ورد عليه في كتابه هذا تصريحُ كونه بدريًّا كقوله: شهد بدرًا أو هو بدريٌّ إلى غير ذلك. انتهى.
          وفي «هامشه»: يعني المذكور في هذا الباب أسماء مَنْ ذَكَر فيه البخاريُّ البدريَّ(1) / في الرِّواية المتقدِّمة لا أسماء جميع البدريِّين.
          وهكذا في «تقرير المكِّيِّ» إذ قال: ليس المرادُ كلَّ مَنْ ذُكر في هذا الكتاب، ولا كلَّ مَنْ رُوِيَ عنه الحديث في هذا الكتاب، بل المراد به مَنْ قيل في حقِّه في هذه الأبواب هو بدريٌّ أو شهد بدرًا أو(2) نحوهما. انتهى.
          وقال الحافظ: قوله: (باب: تسمية مَنْ سمَّى مِنْ أهل بدر) في الجامع أي: دون مَنْ لم يُسَمَّ فيه، ودون مَنْ لم يُذْكَر فيه أصلًا، والمراد بالجامع هذا الكتاب، والمراد بمن سُمِّيَ مَنْ جاء ذكره فيه بروايةٍ عنه أو عن غيره بأنَّه شهدها لا بمجرَّد ذكرِه دون التَّنصيص على أنَّه شهدها، وبهذا يُجاب عن ترك إيراده مثلَ أبي عُبيدة بن الجرَّاح، فإنَّه شهدها باتِّفاق، وذُكِر في الكتاب في عِدَّة مَوَاضع إلَّا أنَّه لم يَقَع فيه(3) التَّنصيص على أنَّه شهد بدرًا. انتهى.
          قالَ القَسْطَلَّانيُّ: قال في «الكوكب(4)»: والمقصود منه تسميةُ مَنْ عُلِم في هذا الكتاب أنَّه مِنْ أهل بدرٍ على الخصوص، فكأنَّه فَذْلَكَة وإجمال لِما تقدَّم مفصَّلًا لا تسمية المذكورين منهم فيه مطلقًا، إذ كثير ممَّن لم يُخْتَلف في شُهُوده بدرًا كأبي عُبَيْدة بن الجرَّاح ☺ لم يذْكُره هاهنا، ولا تسمية مَنْ رَوَى حديثًا منهم، فإنَّ كثيرًا مِنَ المذكورين هاهنا لم يرد(5) حديثًا فيه نحو حَارثة وغيره. انتهى.
          فائدة: قالَ الزُّرْقانيُّ: قالَ العلَّامةُ الدَّوَّانيُّ: سمعنا مِنْ مشايخ الحديث أنَّ الدُّعاء عند ذكرهم في البخاريِّ مستجابٌ، وقد جُرِّب. انتهى.
          وهكذا حكاه عن العلَّامة الدَّوَّانيِّ صاحبُ «تاريخ الخميس» وقال: قاله الدَّوَّانيُّ في «شرح العقائد العضديَّة».
          ثمَّ لا يذهب عليك أنَّ المذكور في «النُّسخ الهنديَّة» الَّتي بأيدينا بعد اسمه الشَّريف صلعم إِيَاس بنُ البَكِير، فذَكَر أَسمَاءهُم على ترتيب حروف(6) المعجم، وهكذا في متن «شرح الكَرْمانيِّ».
          وقالَ القَسْطَلَّانيُّ: ذَكَرهم على حروف المعجم إلَّا رسولَ الله صلعم والخلفاء الأربعة، فقدَّمَهم لشرفهم، وفي بعضها تقديمه صلعم فقط ((النَّبيُّ صلعم، أبو بكر الصِّدِّيق، ثمَّ عمر، ثمَّ عثمان، ثمَّ عليٌّ، ثمَّ إياس بن البكير...) إلى آخره مختصرًا بدون ذكر (ثمَّ) بين النَّبيِّ صلعم، وأبي بكر، وهكذا التَّرتيب في «شرح العينيِّ» موافقًا للقَسْطَلَّانِيِّ، وهكذا التَّرتيب في «الفتح» بدون ذكر (ثمَّ) في الأسماء كلِّها في «شرح الكَرْمانيِّ»، وهكذا رواه صاحب «المشكاة» عن البخاريِّ، ولعلَّه مبنيٌّ على اختلاف «نسخ البخاريِّ». انتهى مِنْ «هامش اللَّامع».
          قوله: (النَّبيُّ محمَّد بن عبد الله الهاشميُّ صلعم) قال الشُّرَّاح: ذكره تبرُّكًا، وإلَّا فكونه حضر بدرًا مِنَ المقطوع به، وقال الحافظ بعد سرد الأسماء: فجملةُ مَنْ ذُكر مِنْ أهل بدرٍ هاهنا أربعةٌ وأربعون رَجلًا، وزاد العينيُّ والقَسْطَلَّانيُّ [في] غير النَّبيِّ صلعم، لكنْ في «نسخة القَسْطَلَّانيِّ» أربعة وثلاثون بدل أربعة وأربعين، فلعلَّه مِنْ زلَّة النَّاسخ.
          قال الحافظ: وقد سبق البخاريُّ التَّرتيب(7) أهل بدر على حروف العجم(8)، وهو أضبط لاستيعاب أسمائهم، ولكنَّه اقتصر على ما وقع عنده منهم، واستوعبهم الحافظ ضياء الدِّين المقدسيُّ في «كتاب الأحكام»، وبيَّن اختلاف أهل السِّير في بعضهم، وهو اختلافٌ غير فاحشٍ، وأورد ابن سيِّد النَّاس أسماءهم في «عيون الأثر» لكنْ على القبائل كما صنع ابن إسحاق وغيره، واستوعب ما وقع له مِنْ ذلك، فزادوا على ثلاث مئة وثلاثة عشر خمسين رَجلًا، قال: وسبب الزِّيادة الاختلاف في بعض الأسماء. قلت: ولولا خشيةُ التَّطويل لسردت أسماءهم مفصَّلًا مبيِّنًا للرَّاجح، لكنَّ في هذه الإشارة كفايةً، والله المستعان. انتهى.
          قلت: وهذا على حسب «نسخ الشُّروح»، وبحسب «نسخ(9) الهنديَّة» المذكور هاهنا ثلاثة وأربعون غير النَّبيِّ صلعم، وذلك لأنَّه ليس في «النُّسخ الهنديَّة» عتبة بن مسعود الهذليُّ، وهو موجود في «نسخة الشُّرَّاح»، لكنَّهم تكلَّموا عليه وقالوا: لم يتقدَّم له ذكرٌ في البخاريِّ ولا ذكره أحد ممَّن صنَّف في المغازي في البدريِّين.
          قالَ القَسْطَلَّانيُّ: وقد رقم عليه في الفرع علامة السُّقوط، قال في «الفتح»: وهو ساقط عند النَّسَفيِّ، ولم يذكره الإسماعيليُّ وأبو نُعيم في «مستخرجيهما» وهو المعتمد.
          وكذا قالوا: في قوله: ((رِفَاعَة بنَ المُنْذِر(10) أبو لُبَابة الأَنْصَاريُّ)) / أنَّه تقدَّم في الباب المتقدِّم آنفًا قال: حدَّثَه أبو لبابة البدريُّ، قالَ الدِّمْياطيُّ: إنَّما هو آخر(11) أبي لبابة، وليس بأبي لبابة، واسم أبي لبابة بشيرُ بن عبد المنذر. انتهى.
          وقالَ القَسْطَلَّانيُّ: قال في «الكوكب»: وفائدة ذكرهم معرفة فضيلة السَّبق، وترجيحهم على غيرهم، والدُّعاء لهم بالرِّضوان على التَّعيين رضي الله تعالى عنهم أجمعين. انتهى.


[1] في (المطبوع): ((أنه بدري)).
[2] في (المطبوع): ((و)).
[3] في (المطبوع): ((في)).
[4] في (المطبوع): ((الكواكب)).
[5] في (المطبوع): ((يرو)).
[6] في (المطبوع): ((الحروف)).
[7] في (المطبوع): ((إلى ترتيب)).
[8] في (المطبوع): ((المعجم)).
[9] في (المطبوع): ((النسخ)).
[10] في (المطبوع): ((رفاعة بن عبد المنذر)).
[11] في (المطبوع): ((أخو)).