الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

بعث علي بن أبي طالب وخالد بن الوليد إلى اليمن قبل حجة الوداع

          ░61▒ (باب: بعث عليِّ بن أبي طالب وخالد بن الوليد إلى اليمن...)
          قال الحافظ: قد ذُكر في آخر الباب حديث جابر: (أنَّ عليًّا قدم مِنَ اليمن فلاقى النَّبيَّ صلعم بمكَّة في حجَّة الوداع) وقد تقدَّم الكلام عليه في كتاب الحجِّ، قلت: وأحال في كتاب الحجِّ على كتاب المغازي، وقد أخرج أحمدُ وأبو داود والتِّرمذيُّ عن عليٍّ قال: ((بعَثَني النَّبيُّ صلعم إلى اليمن فقلت: يا رسول الله أتبعثني إلى قوم أسنَّ منِّي وأنا حديث السِّنِّ لا أبصر القضاء؟ قال: فوضع يده على صدره، وقال: اللَّهمَّ ثَبِّت لسانه واهدِ قلبه، وقال: يا عليُّ إذا جلس إليك الخصمان فلا تَقْضِ بينهما حتَّى تَسْمَع مِنَ الآخر)) فذكر الحديث، ثمَّ قال الحافظ: وحديث البراء أوَّل أحاديث الباب، أورده البخاريُّ مختصرًا، وقد أورده الإسماعيليُّ فزاد فيه: قال البراء: فكنت ممَّن عَقبَ فلمَّا دَنَوْنَا مِنَ القوم خَرجوا إلينا فصلَّى بنا عليٌّ وصفَّنا صفًّا واحدًا، ثمَّ تقدَّم بين أيدينا فقرأ عليهم كتاب رسول الله صلعم فأسلمت همدان جميعًا، فكتب عليٌّ ☺ إلى رسول الله صلعم بإسلامهم فلمَّا قرئ الكتاب خرَّ ساجدًا ثمَّ رفع رأسه وقال: ((السَّلام على همدان)). انتهى.
          وقالَ القَسْطَلَّانيُّ: قوله: (بَعَثَنا رسول الله صلعم مع خَالد بن الوليد إلى اليَمَن) أي: بعد رُجُوعهم مِنَ الطَّائف وقسمة الغنائم بالجِعِرَّانة (ثم بعَثَ عليًّا بعد ذلك). انتهى.
          وفي «تاريخ الخميس»: في هذه السَّنة أرسل خالد بن الوليد قبل حجَّة الوداع في ربيع الأوَّل سنة عشر، وفي «الإكليل»: في ربيع الآخر، وفي «المنتقى»: في ربيع الآخر أو جمادى الأولى إلى عبد المدان قبيلة بنجران، وأمره أن يدعوهم إلى الإسلام فأسلموا، كذا في «المواهب اللَّدنِّيَّة»... إلى آخر ما بسط في القصَّة، ثمَّ ذكر: وفي رمضان هذه السَّنة بعث رسول الله صلعم عليًّا(1) بن أبي طالب إلى اليمن، وعقد له لواء، وعمَّمه بيده، وفي رواية: وأرخى طرفها مِنْ قدَّامه نحو ذراع ومِنْ خلفه قيد شبر فخرج عليٌّ في ثلاث مئة / فارس ففرَّق أصحابه فأتَوا بنهب وغنائم ونساء وأطفال ونَعَم وشَاء وغير ذلك، ثمَّ لقي جمعهم فدعاهم إلى الإسلام فأبَوا ورمَوا بالنَّبل حتَّى حمل عليهم على أصحابه، فقتل منهم عشرين رجلًا فتفرَّقوا وانهزموا فكفَّ عن طلبهم، ثمَّ دعاهم إلى الإسلام فأسرعوا وأجابوا، وبايعه نفر مِنْ رؤسائهم، ثمَّ قَفَل فوافَى النَّبيَّ صلعم بمكَّة قد قدمها للحجِّ سنة عشر، قال كعب بن الأحبار: لمَّا قدم عليٌّ اليمن لقيته_وكان كعب إذ ذاك باليمن_ فقال(2) له: أخبرني عن صفة رسول الله صلعم فجعل يخبرني عنها، وجعلت أتبسَّم فقال لي: ممَّن تبسم؟ قلت: ممَّا يوافق ما عندنا في صفته، إلى أن قال: وصدَّقت برسول الله صلعم وآمنت به... إلى آخر ما فيه.


[1] في (المطبوع): ((عليَّ)).
[2] في (المطبوع): ((فقلت)).